الصفحات

الخميس، يونيو 14، 2012

ارفعوا قبعاتكم لتحية المجلس العسكري




الحكم الذي اصدرته منذ نحو ساعة المحكمة الدستورية العليا في مصر بعدم دستورية قانون العزل الذي كان يهدف الى اخراج المرشح احمد شفيق من سباق الرئاسة قبل يومين من اجراء الانتخابات وعدم دستورية عضوية ثلث اعضاء مجلسي الشعب والشورى – اقول ان الحكم يعيد مصر الى ثوابتها التي كانت تقف عليها يوم 11 فبراير 2011 قبل تنحي او تنحية المخلوع.

وتأكيدا لما ستكون عليه الاوضاع في العهد الجديد القديم اصدر وزير العدل قرارا بمنح حق الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات العسكرية وهو ما يسمح لهذه القوات باعتقال المدنيين.

اليوم هو يوم عادي جدا و يمكن ان نعتبره مثلا يوم 24 يناير 2011 على اعتبار انه لم تكن هناك ثورة ولا يحزنون. غير اننا يتعين علينا في هذه الحالة ان ننسى نحو عام ونصف حملت لنا الكثير من المآسي والاحزان التي كانت كافية لتبديد أي امل في مصر جديدة بلا قمع وبلا فساد وبلا عفن وبلا اعتقالات وبلا تعذيب.

بقى ان نحيي المجلس العسكري ونرفع له قبعاتنا على سبيل الاحترام والاجلال فقد قام بعمل معجز حقيقة حيث لف بنا كل اراضي المعمورة على مدى عام ونصف ونحن نلهث وراء صورة سراب رفعها امامنا ليعود بنا من حيث بدأنا تماما. والمثل الشعبي الذي يقول "يوديك البحر وير جع بك عطشانا" ينطبق على المجلس. وربما يقول التاريخ ان المجلس فشل فشلا ذريعا في ادارة المرحلة الانتقالية ولكن التاريخ سيتوقف طويلا امام تلاعب المجلس بشعب بأكمله على مدى عام ونصف والعودة به الى نفس النقطة التي انطلق منها.

سيرة المجلس معنا تذكرني بحادث ماساوي من الحوادث المتكررة في عهد مبارك وقع منذ  ثلاثة اعوام او نحوها، فقد توقف قارب من قوارب الهجرة غير الشرعية كان محملا بالمصريين المساكين الساعين الى الهجرة الى الغرب على جزيرة صغيرة بعد ان انطلق من الاسكندرية باربع وعشرين ساعة. وأمر الركاب بان يهبطوا على الجزيرة "الايطالية" ولما لمس منهم المسؤولون عن القارب تباطؤا عالجوهم بالكرابيك حتى هبط الجميع وانطلق القارب. وخاض المساكين في الماء حتى وصلوا الى الشاطيء ودهشوا ان اول من التقوا به يتحدث العربية وسألوه عن هذا المكان الذي هبطوا فيه فكان احد مناطق الاسكندرية.

دعونا، مثل اولئك المساكين الذين غرر بهم، نعبر تلك المخاضة الصغيرة قانعين من الغنيمة بالاياب.

ليست هناك تعليقات: