لم يعد يعنينا الان ان يأتي مرسي او شفيق ولكن الاحداث التي مرت بها مصر خلال الايام الماضية تبرهن بما لا يدع مجالا للشك على فشل التجربة الديمقراطية في مصر وانه لا امل بالمرة ولا سبيل الى الحكم الديمقراطي في ارض المحروسة طالما كان للعسكر أي سلطة في الحياة المدينة.
منذ اشهر خرج علينا الثوريون الاشتراكيون بمقولاتهم بانه لا بد من تفتيت المؤسسة العسكرية اذا كان ثمة امل في التحرك نحو الديمقراطية وبناء دولة حديثة. ساعتها سخرنا منهم واتهمناهم بانهم يعيشون في اجواء "كوميون باريس" ويسعون الى جر عجلة التاريخ للخلف. ولكن مجريات الاحداث اثبتت ان كلامهم كان صحيحا وانهم كانوا اكثر وعيا وابعد نظرا من كثير من القوى السياسية.
ومنذ ايام قال احد اساتذة العلوم السياسية في احدى الجامعات الامريكية العريقة في مجلة فورين بوليسي انه لا يمكن احداث تحول ديمقراطي في ثورات الربيع العربي بدون قصم ظهر المؤسسة العسكرية.
للاسف الثورة لم يكن لها قائد وسارع العسكر الى تبنيها وادعاء حمايتها بهدف تطويعها وتمييعها والقضاء عليها. ونجحوا نجاحا منقطع النظير في ترويض الاخوان وسحق القوى الثورية الاخرى والتآمر عليهم واثارة الشعب ضدهم باتباع اساليب شيطانية ما كان يمكن ان تخطر على بال نظام مبارك الذي يعتبر احد اعفن الانظمة في القرن العشرين والحادي والعشرين. لقد كان نظام مبارك فجا ويتصرف برعونة اما هؤلاء فانهم يدرسون تصرفاتهم بذكاء ويتجهون الى النتيجة مباشرة وللاسف يحققونها بصورة تفوق أي توقعات.
مصر للاسف الشديد لا يبدو انها ستمضي الى الامام فهي مكبلة بميراث من الديكتاتورية والحكم العسكري الذي لا يريد لها التقدم يساعده في ذلك بعض حثالات المنتفعين وبقايا نظام مبارك واعلام بالغ التخلف وشعب انهكه الفقر والامية والمرض.
ورغم اجراء انتخابات قيل انها ديمقراطية او شبه ديمقراطية الا ان نتيجتها مازالت معلقة في انتظار ابرام صفقات مريبة وغريبة تؤمن للعسكر وضعا في عالم ما بعد الثورة وتوفر لهم الحماية من أي ملاحقة عن جرائمهم بدءا من موقعة الجمل الى ما يفعلونه الان.
ولن يعنينا كثيرا ان ينجح شفيق او مرسي فكلاهما سيظل يعمل تحت مظلة العسكر بصورة تفوق النظام التركي في الستينيات من القرن الماضي. والى ان يأتي لدينا شخص مثل اردوغان يستطيع عن طريق تحقيق طفرة اقتصادية وتشريعية تحجيمهم والزامهم ثكناتهم، علينا ان ننتظر. وربما ننتظر طويلا طويلا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق