الصفحات

الثلاثاء، أبريل 19، 2011






مجلة الإعصار وست سنوات من التدوين



أنا ماشي برغم الخط باجرجر كل آلامي
وفيه ثورة غضب مكتوم بتشعل روحي ومسامي
باشوف الثورة في الشارع وف الاتوبيس
وف المخبز وف المصنع وف الجامعة
وصوتها بييجي في منامي
الاف صوتها بيهدر شوق للحظة صدق وتسامي
باشوف ضجة واشوف رجة واشوف دخان
لكن دامي

من سوناتا لخط الفقر ديسمبر 2007


في اليوم الذي انبأنا فيه الدكتور حسام بدراوي عضو الحزب الوطني المنشق ان الرئيس على وشك التنحي وهو يوم فبراير10 – والواقع ان هذا لم يكن مقصورا علينا بل كانت هناك تسريبات لدول غربية بان الامور ستسير في هذا الاتجاه – فكرت احذف هذه المدونة من على الانترنت ولذلك وضعت صورة لوحة العاصفة وهي للفنان الفرنسي بيير اوجست بعد اخر تدوينة فيها وهي قصيدة "من زين العابدين التونسي الى زين العابدين المصري" (وانا استخدم لفظ قصيدة هنا على سبيل التجاوز) متبوعة بصور من الثورة لتكون بمثابة ختام للمدونة تمهيدا لحذفها من على الانترنت فقد انتهت الحاجة اليها بقيام الثورة. ولكن مبارك لم يشأ ان يترك السلطة وقد اعلن انس الفقي وزير الاعلام السابق قبل بث الخطاب الذي طال انتظاره ان الرئيس لن يتنحى مما اوقع العالم كله في بلبلة شديدة. المهم ان عدم تنحي مبارك في ذلك اليوم كان سببا في استمرار المدونة فقد لاحظت انه حتى اثناء الثورة وبعدها كان البعص مازال يأخذ منها قصائد. صحيح انها ربما تكون أخذت من مواقع اخرى وليس من المجلة مباشرة ولكنها على أي حال قصائد المجلة ومن هنا كان عدولي عن فكرة إلغائها.

أقول انني استخدم كلمة قصائد هنا على سبيل التجاوز لان البعض قد لا يرى في قصائد هذه المجلة انها لا تنتمي الى الشعر من قريب او بعيد وربما يكون على صواب. ولكن ليس هناك اتفاق اساسا حول ما هو شعري وما هو غير شعري. وربما من اكثر العبارت شاعرية، التي سمعتها في حياتي ومنذ بدأ المهلل بن ربيعة كتابة الشعر الى يومنا هذا، هي هتاف "الشعب يريد اسقاط النظام" التي انطلقت بها الجناجر مدوية في تونس ومصر وسوريا وليبيا والبحرين ونأمل ان تنطلق بها في كافة ارجاء العالم العربي. انها توق مطلق للحياة والحرية وتطلع الى الكرامة الانسانية التي اهدرتها نظم لم يكن لها يوما أي شرعية. نظم سامت شعوبها الخسف والهوان وتعاملت معهم بسبل تفوق بشاعة الغزاة والمحتلين.

والواقع ان الثورة المصرية فاقت توقعات الجميع ولم تكن المفاجئة مقصورة على اجهزة الامن والمخابرات المصرية والغربية وبصفة خاصة الامريكية. بل فاقت نتيجتها بالتخلص من مبارك احلام اولئك الذين كانوا يناضلون فيها بأنفسهم. أما انا فكنت اتوقع في افضل الاحوال ان نتمكن من جمع مليون توقيع للجمعية الوطنية للتغيير ثم نبدأ في اجراءات تغيير الدستور وما اليها. ولكني في نفس الوقت كنت اتخوف من ان الخطة كلها يمكن ان تفشل ويمكن للنظام ان يسخر منها وقد بدأ بالفعل بمحاولة اجهاض المحاولة او اضعافها بجمع توقيعات لجمال ونشأت عشرات الجميعات والتنظيمات من الافاقين والانتهازيين والمتسولين في محافظات مصر وحتى في الخارج الذين راحوا يجمعون له التوقيعات ويعلقون له الملصقات في الشوارع.

اقول ان الثورة فاجئت الجميع. وبصراحة لم يكن احد يتوقع ان يثور المصريون وخيل الي في كثير من الاحيان اننا تجاوزنا المرحلة التي كان يمكن ان نثور فيها وهبطنا الى وضع السكون البشع الذي لا امل فيه بالمرة.

وقبل الثورة بنحو اسبوع كنت اقف مع اخي في الشارع نتحدث عن الثورة التونسية عندما مرت امامنا سيارة فخمة وجديدة يركبها شاب يرتدي بدلة انيقة وتنبعث منها كلمات اغنية اسمها "انا مش خرنج". واشار لي اخي وقال هذا شعب لن يثور ابدا حتى لو ثار العالم كله. هل تعتقد شعبا يستمع الى هذه الاغاني يمكن ان يثور. والحقيقة ان مصر مثلما تضم البعض من اكثر الناس نقاء وطهارة فانها تضم البعض من ابشع العناصر البشرية.

والواقع انني لم يكن لدي أي امل ولكني كنت اقول ربما..ولما لا. المسألة ليست في نطاق المستحيل ومع ذلك فهي تلوح كأمل بعيد للغاية. وقصيدة "معا على طريق الثورة" اكتوبر 2010 كانت مثلا تحمل عنوان "النفخ في القرب المقطوعة" ولكني غيرت العنوان قبل ان اضعها في المدونة مباشرة. فقد كان لدي امل ولو ضئيل ان يحدث شيئ او يتحرك أي شيء وتوقعت في بدء المظاهرات ان تكون مجرد بروفة للخروج الاكبر في السادس من ابريل. ولكن عندما اتي يوم الجمعة ولاحظت الوحشية التي كانت تستخدمها الشرطة وما يقابلها من الشبان من بسالة وشجاعة قلت انه لو استمر الامر على هذا النحو فسيرحل مبارك بين يوم 10 و15 فبراير. ولكن حقا ألم يكن من الممكن ان يبكر في الرحيل ليوفر حياة وجراح الكثير من البشر ويثبت انه بعد ان حكم البلد 30 عاما مازال يكن لها بعض الحب ولابنائها بعض الود والرحمة؟. غير ان مبارك بقدر ما استهان بحياة المصريين في المظاهرات وقبلها استخف بعقولهم واستبد بهم واهانهم ولم يعبأ بهم، بقدر ما اذله الله. لقد خرج مبارك من موقعه ملطخا بالعار والفضيحة والذل امام العالم كله. وانا واثق تماما انه لو كان بوسعه لفضل ان يبيد الشعب كله على ان يتخلي عن موقعه ويخرج بهذه الطريقة المهينة والمشينة. كنا نعتقد ان التونسيين اخرجوا زين العابدين مهانا الى جدة، ولكن زين العابدين لم يشهد المذلة والالحاح في البقاء – دون جدوى – الذي شهده مبارك.

والمصريون ولاشك يدينون للتونسيين الذين فتحوا عيونهم على ان الطاغوت يمكن التخلص منه ولكن بالكثير من التضحيات. والشعوب بصفة عامة لا تنال حريتها ابدا بدون تضحية. وتتفاوت التضحيات من شعب الى اخر ولكن تضحيات الشعوب العربية تعد هائلة نظرا للظروف التاريخية الحالية بعد العقد الاول من القرن الحادي والعشرين لان العرب بصراحة يعيشون خارج السياق التاريخي تماما لعصرهم. واذا اردت ان تضعهم في سياق تاريخي مناسب فربما كانوا يعيشون على تخوم القرن الثامن عشر بفضل الانظمة التي تحكمهم.

ونلاحظ ان هناك تصاعد في العنف وعدد الضحايا فثورة تونس كانت هي الاقل ضحايا والاقل دموية بين الثورات الثلاث التي اندلعت في الدول العربية الثلاث المتجاورة تونس ومصر وليبيا. وحتى الوقت الذي رحل فيه بن على كان قتلى الثورة التونسية نحو 59 شخصا. اما الثورة المصرية فاقل التقديرات تشير الى ان هناك أكثر من الف قتيل وعدد الجرحي هائل بكل المقاييس وربما يصل الى عشرة الاف او يزيد. وفي يوم الاربعاء الذي اعقب خطاب الاستجداء من مبارك وهو يوم موقعة الجمل وعمليات القتل والبلطجة الليلية قتل تسعة كما اصيب ما يقارب الفي شخص.

اما ثورة ليبيا فهي مأساة المآسي وهي تكشف نفاق الغرب وبالاخص الولايات المتحدة التي لايشغلها كثيرا حياة البشر بقدر ما تعنيها مصالحها. مآساة ليبيا المضافة تكمن في كون العقيد مجنونا ومعوقا ذهنيا، ولايصلح لادارة نجع به عشرون شخصا ومئة رأس من الماعز وضعف هذا العدد من النخيل، ومستشفى الامراض العقلية اولى به من أي مكان اخر، حيث يمكنه ان يتحدث الى المرضي باسهاب واستفاضة عن كتابه الاخضر ونظرياته الخطيرة.

وعدد الضحايا في ليبيا غير معروف على وجه التحديد حتى ولكنه ربما يصل مع نهاية الثورة الى عشرات او حتى مئات الالاف من القتلى وربما مئات الالاف من الجرحى. والواضح طبعا ان العقيد اما انه سيقتل بضربة جوية غربية او انه سيحمل موثوقا الى لاهاي حيث ينتظره مصير سلوبودان ميلوسيفيتش اخر رؤساء يوغسلافيا. ولو وضعنا رسما بيانيا للثورات في العالم سنلاحظ ان عدد الفتلى يتزايد بالتوازي مع تشبث الرئيس بالحكم واستعداده لاستخدام وسائل اكثر دموية في ابادة شعبه. فالنظام التونسي مثلا لم يستخدم السيارات التي كانت تدهس الناس بالجملة في مصر وهي مشاهد منفرة ومثيرة للقرف تكشف مدى حقارة هذه النظم وسفالة اعوانها ممن لا شعور ولا قلب لديهم وسوف يحاسبنا التاريخ وتحاكمنا الاجيال القادمة وتسخر منا مالم ينل هؤلاء عقابا رادعا للقصاص للمصابين والشهداء. وكان زين العابدين هو الاقل تمسكا بالبقاء ولكن مبارك ابدى تشبثا اكثر وتحايلا اطول ولذا كان عدد الضحايا لدينا اكبر. العقيد ادخل وسائل جديدة باستخدامه للطيران والقصف العشوائي. ومن المتوقع قياسا على منطق الرسم البياني المتصاعد ان تكون الثورات التالية في العالم العربي اكثر دموية.

والثورات الحالية في العالم العربي انما تكشف ان افضل واثمن ما في بلاد العرب ليس هو النفط ولا الموقع الجغرافي ولا الثروات المنهوبة وانما هي شعوبها التي ابتليت بحكام من ألعن النفايات البشرية.

كنت اعتقد دوما ان مسألة التوريث مسألة صعبة وغير واردة وان مخاوفنا منها ربما كان مبالغا فيها او غير مبررة بالكامل فقد كنت اجد انها غير معقولة وغير منطقية كما كنت اعتبر ان الغموض الذي تتعمده الاسرة الهالكة في هذا الشأن هو لاثارة فضول الناس وربما لشغلهم عن اشياء اخرى. ولكني بدأت اشعر بالخوف عندما رأيت العديد من الجمعيات والتنظيمات ولاسيما اولئك الذين انشقوا عن احزابهم للدعاية لجمال مبارك باعتباره مرشح للرئاسة. وكشف النظام في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، التي كانت فضحية كبرى، نواياه البغيضة. وثبت بعد الثورة ان موضوع التوريث كان يسير على قدم وساق. واذا كان جمال مبارك منذ عشرة اعوام يتلقي نسخة من كل التقارير التي تصل لابيه فلا شك اننا اضعنا رئيسا ربما لا يجود الزمان بمثله في شخصه الكريم. رئيس ظل تحت التمرين عشرة سنوات وهي فترة تزيد على فترتي رئاسة في الولايات المتحدة او في دستورنا الجديد بعد الترقيع.

الثورة الليبية تعتبر في حكم الثورة التي نجحت بالفعل وما هي الا ايام او اسابيع او حتى اشهر حتى تتوج بالنجاح. والامور تزداد تصعيدا كل يوم في سوريا التي تسير على النمط الكلاسيكي العربي في توجيه الاتهام لايدي خارجية. وذكرني مطالبة بعض اعضاء البرلمان لبشار الاسد بان يحكم العالم – وهي مهازل عربية فريدة – بالقصائد التي كان يلقيها بعض اعضاء البرلمان لدينا عندما تلوح طلعة خالد الذكر مبارك وكأنه القمر تنازل وهبط على الارض. وفي اليمن يبدو ان الرئيس صالح يحاول ان يخرج بأكبر قدر من المكاسب واقل قدر من المهانة. وهناك اعتقالات لمدونين وناشطين في الإمارات ومزاعم باعتقال وقتل معتقلين في السعودية والبحرين. والبعض يتساءل لماذا تثور دول الخليج اذا كانت الدخول فيها من افضلها في العالم؟ الواقع ان الناس في عصر القرية الكونية الصغيرة اصبحت طموحاتهم تتجاوز كثيرا مجرد السعي للمتطلبات المادية البحتة بل اصبحوا يتطلعون الى حرية التعبير وحرية الكلام والتجمع كما اصبحت لديهم – بفضل المعرفة والاضطلاع – نظرة اكثر كوزموبوليتانية فيما يتعلق باساليب الحياة الصحيحة. صحيح ان الثورات في تونس ومصر كان يطغي عليها جانب كبير من المظالم والشكاوي الاجتماعية ولكن من قال ان هذه هي الاسباب الوحيدة للثورة؟.

الحقيقة ان المجتمعات العربية تغلب عليها الرثاثة والاهتراء وعدم الانتماء للعصر الحديث بالمرة. لا في التعليم ولا التفكير ولا حتى سبل التعاطي مع العالم واساليب الحياة. والدول فيها دول هشة تقوم على شخصانية الحكم وديكتاتورية النظام والاستسلام المهين للقوى الدولية واعتبار المعارضة او حتى الاختلاف في الرأي رجس من اعمال الشيطان. كذلك تعاني الدول العربية من تآكل البني الاجتماعية الناشيء عن سوء توزيع الثروات والظلم الاجتماعي البشع والفساد المتفشي الذي يعطي الاولوية للقبلية والشللية على سيادة القانون في ادارة شئون الدولة. وهذه الدول بحاجة الى تغيرات هائلة سياسية واجتماعية لكي تشعر شعوبها انها لا تعيش خارج اطار العصر. والاجيال الشابة اكثر معرفة وتطلعا ودراية بالمتغيرات العالمية من حكامها كما انها تمثل الغالبية بين سكانها في حين تكلست عقليات النخب الحاكمة فيها وتوقفت عند مفهوم انهم ظل الله على الارض. وليس اكثر اثارة للسخرية من قول القذافي ان وضعه لا يختلف عن وضع ملكة بريطانيا وهو ما يؤكد ان الرجل بالفعل غير طبيعي.

بدأت مجلة الإعصار في ابريل 2005 دون ان يكون لها موقع على الانترنت وكانت القصائد الاولى ترسل بالبريد الالكتروني لعدد محدود جدا من القراء ربما لايتجاوز 20 او 25 شخصا.

وكان هناك موقع اسمه التغيير نشر العديد من قصائدها الاولى ثم تحول فيما بعد الى اكاديمية التغيير ثم اختفي من على الانترنت. وبدأت افكر في مدونة مستقلة ولم يكن لي علم بكيفية انشاء المدونات ولكن الفكرة نجحت. والتاريخ المبين اسفل بعد القصائد في بداية المدونة يشير الى تاريخ نشرها قبل انشاء المدونة. واول قصيدة في هذه المدونة وعنوانها "كوندوليزا رايس تحرك الدمي" تسببت في تخريب موقع كفاية بعد يوم واحد من نشرها. في ذلك الوقت كانت رايس ستحضر مؤتمرا ما في مصر ولكنها عنفت ابو الغيط في مؤتمر صحفي في وزارة الخارجية الامريكية في واشنطن واعلنت انها لن تحضر مؤتمر القاهرة. فما كان من مبارك الا ان خف الى المنوفية في رهط من اعوانه وتوجه الى مدرسة المساعي المشكورة ومن هناك اعلن عن الملأ ان رئيس الجمهورية سيتم اختياره بالانتخاب وليس عن طريق الاستفتاء كما كان متبعا منذ توليه السلطة وايضا السادات وعبدالناصر من قبله. كذلك تسببت قصيدة "الحنطور" في تخريب الموقع بعد ذلك بفترة اما قصيدة "عقبالك ياعادلي ما تلحق بغازي" التي نشرت في اعقاب انتحار وزير الداخلية السوري غازي كنعان في يوليو 2006 فقد تم رفعها من مندرة كفاية بعد يوم من وضعها فيه. ولا ادري حقيقة هل كان ذلك بسبب سخط وزارة الداخلية ام مجاملة للنظام البعثي في سوريا الذي يضع على وجهه طلاء الاشتراكية الزائفة.

واكبت هذه المجلة بداية ظهور كفاية. والقصائد مباشرة والتحريض فيها متعمد ومقصود ومباشر ايضا. والميل الى التركيز على القضايا الاجتماعية والفساد والتعليق على الاحداث السلبية وما اكثرها كله مقصود. وحرصت على ان تكون القصيدة قدر الامكان بها موسيقى وتعطي جرسا وايقاعا بحيث تحوي شحنة تحريضية. وانا حقيقة لا اكتب الشعر ولم اجرب اطلاقا كتابة الشعر بالعامية ولكني وجدت انه الاقرب الى الشباب الذي يتصفحون الانترنت. صحيح ان المجلة ربما تبدو سيئة الاخراج كما انني كنت فاشلا في الدعاية لها. وربما لولا مواقع مثل مجمع المدونات المصرية وبيت المدونات العربية الذي وضعها احد ما بهما لما عرفها كثيرون. وللاسف الموقعان متوقفان الان رغما انهما كان يسهلا تصفح الكثير من المدونات من موقع واحد.

ورغم ذلك اخذ كثيرون قصائد منها ووضعوها في منتدياتهم واحيانا كانوا ينسبونها لانفسهم او ينسبونها لشعراء اخرين وهو موضوع لم يكن يشغلني على الاطلاق، بل كان ما يعنيني هو ان يقرأ القصيدة اكبر عدد ممكن من الناس ليس مهما في أي موقع ولا باسم من. وقصيدة مبارك "ينصح بوتين بعدم التخلي عن السلطة" نوفمبر 2006 رائجة بين الشباب كثيرا. وكان مبارك قد زار روسيا في اول نوفمبر 2006 وفي مقابلة مع احدى الصحف الروسية قال انه يأمل الا يتخلى الرئيس بوتين عن السلطة وان يمدد الرئاسة لفترة ثالثة فيما يعد مخالفة للدستور الروسي. وكانت حجته العجيبة في ذلك ان بوتين يعرف كل شيء وتقريبا هي نفس الحجة التي جعلته يتمسك بالسلطة في مصر الى ان خلع منها بالقوة. وكان للقاء مبارك مع الصحيفة اصداء في كل وسائل الاعلام العالمية في المعمورة صحبها في كثير من الاحيان انتقادات ممزوجة بالسخرية حتى ان الاهرام اضطرت للقول ان تصريحات الرئيس المصري اسيء فهمها. ولان القصيدة عرفت بصورة اكثر عن طريق المواقع التي اخذتها في البداية من المجلة وليس عن طريق المجلة مباشرة فقد تاهت علاقتها بالمجلة ونسبها البعض الى احمد فؤاد نجم كما نسبوا اليه ايضا قصيدة "قصيدة غزل في كوندليزا رايس". وبعد فترة قام احد الاخوة الفلسطينيين بتعديل القصيدة لتكون النصحية الى عباس بدلا من بوتين، وانتشرت هذه القصيدة اكثر من قصيدة بوتين.

"بيان بدء الحملة الانتخابية" ابريل 2005 التي تضم رسالتين احداهما موجهة الى الشعب المصري والاخرى موجهة الى الكونجرس الامريكي، كتبت بعد الحوار الشهير الذي اجراه عماد الدين أديب مع حسني مبارك في ابريل 2005 تحت عنوان "كلمة للتاريخ" والذي اعتبر في ذلك الوقت بمثابة تدشين لحملة انتخاب الرئيس. وخشية الا يهتم الناس بالامر فقد سبق البرنامج دعاية ضخمة واعلن قبله انه سيكون هناك لقاء مع النجم السينمائي الراحل احمد ذكي وذلك في محاولة لجذب الاهتمام وضمان جمهور كبير للحوار. وقد كان الحوار مملا وسخيفا ومثل صدمة حيث اعلنت قبله عن الكثير من المفاجئات الكبيرة والخطيرة ولكنه في مجمله كان غثا ويدور حول السيرة الذاتية للرئيس مبارك وانطباعاته الشخصية عن عدد من الاحداث. والتعليق في القصيدة مقصور على بعض جوانب الحوار مثل قول مبارك انه محروم من دخول السينما اما القصيدة التي تتعلق بالحوار مباشرة فهي قصيدة "فيلم دودي والزعيم" مايو 2005.

بدأت التعديلات الدستورية الاولى تمهيدا لاجراء انتخابات رئاسة تعددية وكانت قصيدة "الحنطور" التي نادت بالثورة حتى يرحل مبارك، و"قاطعوا الاستفتاء" هي رفض لفكرة الاستفتاء باعتباره بديلا عن الرحيل وايضا قصيدة "حبل الغسيل" هي رفض لترشيح أي احد في انتخابات الرئاسة حتى يتم التخلص من مبارك.

والواقع انني حتى يومنا هذا ما زلت اعتقد ان سيناريو الثورة الذي حدث في يناير 2011 كان من الممكن ان يتم في عام 2005. اما لماذا لم يحدث فلا احد يعرف. لقد كانت نفس حالة السخط ونفس الشحن ونفس الغضب ولكن ربما لم يكن هناك شرارة قوية بما يكفي لتفجر الموقف. وقصيدة "هل يخلع الشعب المصري الكافولا" سبتمبر 2005 ترتبط بتصريحات نظيف ابان زيارته الى امريكا قبل ترشيح مبارك. ويذكر ان نظيف قال انذاك ان الشعب المصري لم ينضج بعد للديمقراطية مما دعا مصطفي بكري الى المطالبة باقالته واعتقد انها نفس الكلمة التي كررها عمر سليمان في حواره مع قناة ايه.بي.سي. الامريكية بعد توليه منصب النائب. وكان من اطرف الاشياء التي ذكرها نظيف في واشنطن ان نظام مبارك في حاجة الى من "يربت عليه" ولم ادر سببا لهذا التدليل المطلوب. واثيرت في تلك الايام "قضية المراقبين الاجانب" سبتمبر 2005 على الانتخابات ولكن الحجة الجاهزة على الدوام لدى النظام والحزب الوطني هي ان الرقابة الاجنبية تمثل انتهاكا للسيادة المصرية وكان الكاهن الاكبر فتحي سرور الذي سيدخل التاريخ باعتباره اكبر مزور برلماني في العالم هو من يسوق الينا هذه الحجج في لغة كان يعتقد هو ويعتقد النظام انها مقنعة.

وقصيدة "في 17 من دا الشهر" و "صح النوم" و "باركوا للريس على عبوره الناجح" و "اغنية الشعب بعد نتيجة الانتخابات" كلها تتعلق بانتخابات 2005 ونتائجها. والغريب ان مبارك الذي هادن العشب قليلا اثناء الحملة عاد الى التوحش بعد نتيجة الانتخابات فعاد الى القمع وسجن منافسيه في الانتخابات او هم تبخروا من تلقاء انفسهم ولم يعد احد يسمع عن كثيرين منهم وبدا الامر كما لو كان مبارك قد اتي بهم ككومبارس ليقوموا بدور فى مسرحية. اما قصيدة "الرئيس يؤدي اليمين" اكتوبر 2005 التي كتبت بمناسبة اداء مبارك اليمين الدستورية بعد انتخابات عام 2005 الأولى والاخيرة طوال فترة رئاسته فقد وصفها البعض بالقصيدة الممنوعة ومنهم من شعر ان فيها بيتا مكسورا فحاول تصحيحه حتى ان القصيدة نشرت بعدة صيغ. والقصيدة هي معارضة لاغنية عبدالحليم حافظ "احلف بسماها وبترابها" ومثلها ايضا قصائد "مبارك يتحدث الى نفسه" مايو 2007 "وسيد درويش في عهد مبارك" يوليو 2009 و"فايزة احمد تغني للقمر المفقود ايجبت سات" نوفمبر 2010. أما قصيدة "مجلس الشعب الجديد واللعب المشروع" فبراير 2006 فهي ترحيب بمجلس الشعب الجديد الي اجرى اسوأ تعديلات دستورية عرفها التاريخ السياسي للبشرية وقصيدة "من سرور الى مبارك" مارس 2007 هي تعليق على التعديلات التي قصد منها احتكار الحزب الوطني للترشح لمنصب الرئيس.

قصيدة "من ولد الصايع الموريتاني الى ولد الضايع المصري" هي رسالة ارسل بها ولد الطايع الى مبارك. وكان الاول قد ذهب الى السعودية للعزاء في وفاة الملك فهد فوقع الانقلاب وبدلا من العودة الى موريتانيا توجه الى النيجر. والواقع ان هناك الكثير من الزعماء الذين تركوا الحكم في عهد مبارك مثل سوهارتو الذي كان في مصر عندما خلع وبعده وحيد او واحد وكذلك عكاييف في قرغيزتسان وفي الاكوادور لوسيو جوتيريز ومانويل زيلايا وتشاويشسكو في رومانيا وولد الطايع في موريتانيا وكثيرين غيرهم حتى ان المصريين تخيلوا ان الخلاص من مبارك ربما كان شيئا اشبه بالمعجزة.

قصيدة "انشودة العاطلين" سبتمبر 2005 من القصائد الجيدة التي قرأها كثيرون ووضعت في منتديات مهنية ونقابية كثيرة في مصر والدول العربية.

بقى ان اقول ان هناك في الواقع شبه اجماع على هذه المدونة فهي ليست فئوية ولا حزبية ولا تنتمي لاي اتجاه سوى الدفاع المشروع عن الحق في الحياة الكريمة والحرية والتعددية السياسية. ولذا تجد قصائدها في مواقع عديدة مثل مواقع الاخوان والمواقع الكنسية ومواقع فتح وحماس ومواقع ليس لها علاقة بالسياسة من قريب ولا بعيد. وتجد الكثير من قصائدها مصحوب دوما بتحذير مرح من ان المنتدى سيغلق او يعلن من وضع القصيدة انه لن يبيت في منزلهم الليلة او يقول اخر انه ذاهب في داهية ويدعو الاخرين للدخول والذهاب معه.

بقي ان اذكر انني، لعد معرفتي الكبيرة بشؤون الانترنت والتجسس والبروكسي وما اليها من هذه الامور التي تبدو بالنسبة لي عصية على الفهم، لم اكن ادخل على هذه المدونة من منزلي فقد قيل لي ان كل شيء مراقب بشدة. وليس سرا بالطبع ان مصر كانت من اسوأ الدول في رقابة الانترنت كما رأيت مدونين يقضون اشهر وسنوات في السجن دون مبرر. وللاسف الشديد ففي هذا الجانب يسير المجلس العسكري على نهج مبارك حيث حكم على المدون مايكل نبيل بالسجن ثلاث سنوات لانتقاده الجيش. واذا كنا حقيقة ننشد اقامة مجتمع ديمقراطي سوي لايجب ان يكون هناك شيء فوق مستوى النقد لان النقد هي الخطوة الاولى للاصلاح والنظم التي تعيش في الخفاء تقود شعوبها دوما الى الكوارث التي لا يقتصر ضررها على النظم.

واخيرا ورغم كل متاعب الحياة فعندما تستيقظ في الصباح وتباغتك المشاكل العديدة تتذكر شيئا واحدا قد يخفف عنك العناء ويجعلك تقبل على الحياة وهو ان نظام مبارك قد زال. انه كابوس ضخم وهائل رفع من على صدر ملايين المصريين. ونظام مبارك يمثل احدى بشاعات القرن الحادي والعشرين ويجب ان نشعر بالامتنان لكل من ساعدونا في الاطاحة به والاشقاء في تونس الذين فتحوا عيوننا وعيون كل العرب على ان التخلص من ديكتاتور عربي ليس بالامر المستحيل، وقبل كل شيء شبابنا الذين ضحوا بارواحهم الطاهرة في اشرف ميادين القتال واسماها لكي يخلصونا من طاغوت ما كنا لنتخلص منه.

واذا كان اركان النظام يقبعون الان في السجون في انتظار ان ينضم اليهم رأس النظام، لايجب ان يكون ذلك مدعاة للشماتة والتندر من جانبنا بل يجب ان نرثي لهم ونعمل على ان يحصلوا على محاكمة عادلة. وقد احسن المجلس العسكري فعلا عندما احجم عن تقديم هؤلاء للمحاكم العسكرية او محاكم الطواريء او الثورة وكلها في الواقع مسميات لمحاكم قد لا يتوافر لها الحد الادني من معايير العدالة. وفي الوقت الذي يجب ان يعمل فيه الجميع على اعادة بناء مصر جديدة تنتمي لابنائها وينتمون اليها، علينا ان نعمل جاهدين على عدم ظهور مبارك آخر.

الجمعة، أبريل 01، 2011




سرور يدخل التاريخ من الباب الضيق


لا احد يعلم حقيقة هل سعى الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق الى اجراء الحوار الذي نشر في "المصري اليوم" في 24 و25 و26 مارس ام ان الصحيفة هي التي سعت اليه. وعلى أي حال لو كنت مكان الدكتور سرور لرفضت رفضا قاطعا اجراء هذا الحوار الذي نشر على ثلاث حلقات واثار لدينا ذكريات ثلاثيات ورباعيات اخرى لعل اهمها مقالات امين التنظيم احمد عز فى الاهرام بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة والتي عجلت بنهاية النظام.

اقول انني لو كنت مكان الدكتور سرور لتواريت عن اجهزة الاعلام درءا للحرج والسخرية واثارة اشمئزاز الناس، فالدكتور سرور على مدى عقود مثل خلالها جزاء من نظام مبارك لم يعرف عنه يوما انه قال كلمة حق او فعل أي شيء في مصلحة الوطن بل كان يسخر مجلس الشعب وكأنه محلل شرعي لكل ما يفعله النظام. واذا كان يقول ان الحكومة في عصمة مجلس الشعب الا ان الواقع كان خلاف ذلك بالمرة حيث بدا مجلس الشعب في صورة الخادم المطيع للحكومة يأتمر باوامرها وينفذ رغباتها متجاهلا تماما دوره الرقابي. والدكتور سرور ينكر انه كان يقوم بوضع التشريعات المريبة بل كانت تأتيه من الحزب، رغم انه اعترف مرة بان هذا الشعب بحاجة الى من يقوم "بتفصيل" قوانين طيبة له ولم ينكر دوره في القيام بذلك.

اما قوله انه يفكر في اعتزال السياسة فهو لايعدو ان يكون تصريحا عجيبا والاولى به ان يقول انه الاوان لتواريه تماما عن الاعين الى ان يأذن الله له بالرحيل. وامثال الدكتور سرور لايجب باي حال من الاحوال ان يكون لهم أي دور في الحياة السياسية في مصر الجديدة. وليس هنا بالطبع مجال تعديد فظائع الدكتور سرور في خدمة النظام وتدمير مصر فهذه اشياء سيقدمها التاريخ ولكن من الواضح انه لو استمر مبارك في الحكم الى يوم الدين لظل الدكتور سرور يعمل عرابا لنظامه.

وهناك تصريح افلت منه عفوا ولكنه يكشف الى أي مدى كانت النخبة الحاكمة في مصر قبل الثورة تشعر بانها عصابة تدير الدولة، حيث قال لعز انه لو حدث شيئا فلن يكون لديه الوقت الكافي للوصول الى المطار. ولكن الاخر رد عليه ساخرا بانه قد لايجد الوقت للوصول الى ميدان التحرير وهو ما حدث بالفعل.

والدكتور سرور لم يبد أي رغبة للترجل من عربة النظام حتى في اسوأ اللحظات ولم نسمع ابدا من قبل انه هدد بالاستقالة او التقاعد . وفي اول ظهور له في وسائل الإعلام ابان الثورة سارع الى التنديد بحكومة نظيف وحملها المسؤولية عن كل الكوارث ولكنه لم يذكر شيئا عن عز وهو الامر الغريب. كان الدكتور سرور عندئذ يعتقد ان عربة النظام معطلة مؤقتا وان جهود اصلاحها تجري على قدم وساق وانها لن تلبث ان تنطلق ثانية بكل من عليها. واذا كان الرئيس قد اقال حكومة نظيف فلا اقل ان يشيعها باللعنات ويلقي عليها بعبء الكوارث وهو بذلك يغني في نفس الجوقة القديمة. ولكن الذي لم يدركه الدكتور سرور هو ان عربة النظام كانت قد توقفت تماما وان النار لن تلبث ان تنشب فيها وان كل ركابها لن يلبثوا ان يترجلوا منها مجبرين.

ولكني لا اعرف لماذا يطل علينا الدكتور سرور الان. هل هي محاولة لتبرير الذات ام محاولة للعودة الخجولة. كلام الدكتور سرور الذي القى فيه بكل المصائب على رؤس الاخرين يثبت انه لم يكن امينا بالمرة لا في افعاله السابقة اثناء عمله ولا في تصريحاته الحالية للصحيفة. اما تباكيه على خسارته المادية من القضايا الباهظة بسبب تخليه عن مهنة المحاماة فنحن نأسف عليها اكثر منه. ولو كان انشغل بقضاياه الهامة لكان اراح واستراح ووفر على مصر الكثير من العنت والتأخر والفساد.

والدكتور سرور عندما يتحدث تشعر ان دوره في صناعة السياسة المصرية في فترة من احلك فترات التاريخ المصري لم يكن يتجاوز دور موظف صغير في مجلس الشعب يقوم بترتيب الاوراق وادارة الامور ويده مغلولة باللوائح والقوانين وجبروت الاغلببية وعناد عز. لقد ختم الدكتور سرور مسيرته الطويلة في العمل غير الكريم ضد الشعب وضد مصالح الشعب بنفس الطريقة التي انهى بها مبارك نظامه بعد 30 عاما وهي نهاية مستحقة تماما في الحالتين. واذا كان مبارك قد تلفع بصمته المزري في شرم الشيخ مدركا انه لن يجديه نفعا ان يقدم مبررات ومسوغات، فأولى بالدكتور سرور ايضا ان يتوارى عن الأعين ويلزم الصمت، لان السكوت لمن في موقفه ربما كان اثمن من الذهب.

 
 
هذه اول قصيدة نشرتها المجلة بعد زيارة مبارك لمدرسة المساعي المحمودة في المنوفية لاعلان التعديلات الدستورية التي شهدت مصر بعدها اول وآخر انتخابات رئاسية لمبارك:
 
http://tornado75.blogspot.com/2005/09/17-2005.html
 
وهذه القصيدة بعد التعديلات الدستورية لعام 2007 والتي تضمنت المواد سيئة السمعة:
 
http://tornado75.blogspot.com/2007/03/blog-post_24.html