الاحتفالات بفوز مرسي |
اخيرا وبعد طول معاناة وانتظار وتوتر انتهى مسلسل مرسي وشفيق بفوز الاول واندحار الاخير وسفره من مصر. وفوز مرسي هو ليس انتصارا للثورة ولكن على الاقل محاولة لابقائها على قيد الحياة. بدلا من وأدها تماما والقضاء عليها على ايدي النظام القديم العائد بقوة والذي قويت شوكته وطفا الى السطح بكل قوته الكامنة في حملة شفيق.
غير ان التجربة الديمقراطية المصرية الاولى التي بلغت ذرتها بانتخابات إعادة الرئاسة وما شابها من قلق وخوف وتوجس وتربصن تشير الى ان الطريق لن يكون معبدا فما زالت هناك قوى في المجتمع تسعى الى جره للخلف والعودة بالتاريخ الى عهد مبارك الاسود.
ولكى بقى ان يعرف الاخوان انهم لم ينجحوا لشعبيتهم بل لان الشعب اختار التصويت ضد النظام القديم والعمل على الحيلولة دون عودته الى الساحة. مصر عليها الان ان تشق طريقا جديدا بعيدا عن الماضي ونجاح مرسي بنسبة تزيد قليلا عن النصف هو امر غير مسبوق في الدول العربية التي كانت شعبية الزعيم الملهم فيها لا تقل عن 99.9 في المئة في مثل تلك الاقتراعات.
ومرسي باعتباره اول رئيس منتخب لمصر امامه مهام شاقة. المجتمع المصري في حاجة الى مصالحة موسعة بين كل فئاته واطيافه فقد خلفت الثورة الكثير من الالام والاحزان كما شهدت عمليات الاقتراع التي اعقبتها سواء الاستفتاء او الانتخابات البرلمانية والرئاسية استقطابا شديدا قسم مجتمعا متماسكا تقليديا الى فئات متصارعة ومتنافسة.
الاخوان بحاجة الى التخلي عن ايدلوجيتهم الضيقة والسعي الى اقامة دولة حديثة يكون ابرز اهدافها تحقيق تنمية متكاملة وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة الكاملة بين افراد الشعب المصري بغض النظر عن انتمائهم العرقي او الديني او السياسي.
والمصريون بحاجة الى الوقوف الى جانب الرئيس الذي لن تكون مهمته سهلة اطلاقا والذي سيتعين عليه ان يخوض معارك ومواجهات مع المجلس العسكري الذي يصر على الامساك بزمام الامور وترك هامش محدود للرئيس المنتخب للمناورة فيه. مصر ليست في حاجة الى صراعات على السلطة والمزيد من الاستقطاب بل في حاجة الى التوجه الى البناء والعمل خاصة اننا نبني دولة من لاشيء.
لقد ترك مبارك البلد انقاضا ينعق فيها البوم والغربان ولم تكن بالنسبة له ولنسله الكريم اكثر من بقرة حلوب يتعين استنزافها الى اخر قطرة. ويكفي ان نعرف ان ثروة نجليه التي تبلغ 25 مليار دولار (17 مليار لجمال وثمانية مليارات لعلاء) تفوق كثيرا اجمالي الاحتياطي الذي يحتفظ به شعب مكون من نحو 90 مليون نسمة، لندرك ابعاد الكارثة.
بوسع المصريين الان ان يتنفسوا الصعداء ويطمئنوا الى ان نظام مبارك البغيض ذهب الى غير رجعة ولن يكون امامه فرصة الى العودة الى تسيد الساحة مرة اخرى الا اذا اساء الاخوان ادارة دفة الامور. لقد برهنت انتخابات الرئاسة وحملة الاعادة بين شفيق ومرسي على وجه خاص الى ان الحزب الوطني بكل قواه وكوادره مازال متجذرا وراسخا في الريف المصري بل وفي القاهرة نفسها، وانه مازال يمثل تحديا كبيرا امام الثورة.
الاخوان امامهم فرصة طيبة وهي الاولى التي تتاح لهم منذ ما يقارب القرن للبرهنة على ان ايدلوجيتهم لا تمثل تعارضا مع التيار السائد في المجتمع الذي يميل بصفة عامة الى الاعتدال والوسطية. المصريون ربما يكونوا متدينين في الظاهر ولكنهم ايضا براجماتيون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق