لكل منا في العالم العربي الكبير من المحيط الثائر الى الخليج الهادر ليلاه التي يغني عليها ولكن ليلي في الحولة بسوريا ليست مريضة بل هي ذبيحة حيث قتل اطفالها حتى الرضع منهم كما قتل والدها وشقيقها وزوجها وكل افراد عائلتها، لم يبق منهم احد على قيد الحياة حتى الرضع ذبحوا بالمدى واطلق الرصاص الغادر على جماجمهم الهشة التي لم يسعفها الوقت لتختزن بعض الصور الجميلة عن العالم الذي هبطوا عليه ليرحلوا عنه بعد ان زهدوا فيه ولم يعرفوه بعد.
العالم العربي مشغول بالربيع العربي اما بمعالجة اثاره والتداوي من جراحه ومحاولة لملمة البقية المتبقية من مقومات الحياة للمضي في الحياة مثل ليبيا ومصر وتونس واليمن، او التحصن ضد رياح الربيع العربي في دول الخليج حتى لا تلفح السنة اللهب الحارقة اجوائها التي تسودها طمأنينة الدخول العالية والنظم الابوية. ومن المفارقة ان دول الخليج التي تتوجس من الربيع العربي هي نفسها هي التي تساعد الجيش السوري الحر الذي يشكو من نقص الإمكانيات والمعدات.
وما بين هذا وذاك يتوقف العالم الخارجي الاكبر الذي يسير شؤون البشر ويتحكم في مقدراتهم على هذا الكوكب المأفون، عاجزا امام المصالح والتوازنات والصفقات بينما يولغ بشار الاسد في دماء ابناء سوريا الذين كتب عليهم ان يتحملوا عبء الربيع العربي كله ليقدموا كل يوم عشرات واحيانا مئات الضحايا من القتلى والجرحى والمعتقلين.
هل نستطيع ان نوبخ اسرائيل بعد اليوم او نعيرها بمذبحة كفر قاسم او قانا الاولى وقانا الثانية. على الاقل يمكن لاسرائيل ان تقول انها اخطاء بشرية. ولكن الغزوة السورية للحولة تبدو من التفاصل ومن الوهلة الاولى كما لو كانت محاولة لتحرير الحولة من ابنائها حيث بدأت بإطلاق قذائف الدبابات والهاون لمدة ساعتين على الاقل وفقا لما تذكره تقارير صحفية كثيرة ثم دخلت قوات الاسد والشبيحة بعد ذلك لتطهير المنطقة من الاعداء وبدأت معركتها من بيت الى اخر ضد الاطفال والنساء والعزل ولم تنته المهمة الا وقد طهرتها تماما حتى من الرضع.
خطة عنان غير مقبولة وهي تشي بعجز المجتمع الدولي عن اتخاذ اجراء فعال بين تردد الدول الغربية وتلمظ روسيا على موطئ قدم في الشرق الاوسط واستهانة الجميع بتضحيات الشعب السوري وهي لا تعدو ان تكون محاولة خرقاء لترميم شيء ايل للسقوط. بأي حق يجوز للاسد ان يظل في سوريا – الا سجينا – بعد كل هذا الدم الذي اريق. وهل يعتقد ان الشعب السوري يمكن ان ينسى شهدائه على مدى 14 شهرا واي منطق ذلك الذي يمكن ان يجعله يقبل ذلك. بعد هذا العدد الكبير من القتلى على يد الطاغية لا يملك الشعب الا ان يستمر في ثورته حتى لو فني على بكرة ابيه ولم يبق منه الا شخص واحد يتكفل بتشييع الطاغية الى الجحيم.
لا اعتقد ان حاكما في العصر الحديث فعل بشعبه ما فعله الاسد سوى سلوبودان ميلوسيفيتش ومجرما صرب البوسنة راتكو ميلاديتش ورادوفان كارادزيتش. ونفق الاول في محبسه في بسجن محكمة جرائم الحرب ليوغسلافيا السابقة وربما يسير زميلاه على نفس الدرب. ولكن متى تشكل محكمة جرائم الحرب لسوريا ويقود الاسد قطيع المجرمين الى لاهاي؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق