باسل الاسد |
مذابح الاسد |
حافظ الاسد |
نشر سعيد اللاوندي الكاتب بالاهرام مقالة في صفحة قضايا واراء بالعدد الصادر اليوم 4 يونيو حول الوضع في سوريا. والكاتب يحذر من مغبة سقوط سوريا وينسب ذلك الى المؤامرات الغربية وتعاون بعض الدول العربية. والغريب ان الكاتب وضع في المقالة عدة مرات عن عمد كلمة "الشعب السوري" حيث كان يجب ان توضع كلمة "النظام السوري". ومن الواضح انه يقصد بسقوط سوريا سقوط النظام السوري ويرى ان ذلك سيضيع الجولان وسيؤدي الى تقسيم سوريا.
والمأساة الحقيقية لسوريا التي لا ننكر انها ركن هام من الامة العربية ومن التصدي للمؤامرات الغربية والاسرائيلية هي في نظامها البشع الذي لا يريد ان يتخلى عن السلطة حتى يقتل اخر مواطن فيها. أليس من حق الشعب السوري ان يختار من يحكمه وبأي منطق يحق لحافظ الاسد الذي استولى على الحكم عن طريق انقلاب ولم تشهد سوريا في عهده ابدا أي تقدم او ازدهار سوى المذابح وطنطنة الصمود والتصدي والمواجهة المزعومة، ان يورث البلاد لابنه. وكان الاسد يهدف الى توريث الضيعة لابنه الاكبر باسل فلما لقي باسل حتفه في حادث سيارة لم يجد غضاضة في تأهيل الطبيب بسرعة ليتولى العرش بعده. طبيب العيون الرقيق الذي لا يتحمل النظر في عيون الاطفال لعلاجها فيحرك القتلة لفقأ عيونهم وجز رؤوسهم.
بشار كما يصوره نشطاء سوريون على فيسبوك |
اما قول الكاتب بان امريكا والغرب كانوا يدعمون النظم العفنة في كل البلاد العربية وما زالوا فهو حقيقي ولاشك فيه. وكلنا يتذكر قول السيدة كلينتون في اول ايام المظاهرات في مصر ان "الحكومة المصرية قوية ومسيطرة على الاوضاع". وكلنا يتذكر كذلك كيف ذهبت مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية الى سوريا في اعقاب وفاة الاسد الكبير لتقديم واجب العزاء وباركت تعديل الدستور من اجل توريث السلطة للابن وقالت بالحرف الواحد ساعتها "إن لديهم آلية رائعة للغاية لنقل السلطة".
ابناء بشار الاسد كريم وزين وحافظ |
وبدلا من ان نصف سقوط النظام السوري البغيض بانه سقوط لسوريا علينا ان نندد بهذا النظام البشع الذي لا يريد ان يترك السلطة الا وقد احال سوريا الى رماد تذروه الريح. أي احقية شرعية او دستورية لابن حافظ الاسد في الاستمرار في الحكم رغم انف الشعب في القرن الحادي والعشرين؟. ومن الذي اعطاه الحق في ابادة الشعب السوري على هذا النحو؟. الا يجدر بنا ان نكف عن الترويج للايديولوجيات الغبية التي تجعلنا نستهين بحياة المئات بل والالاف من البشر من اجل استمرار نظام لم يقدم لقضايا التحرر في العالم العربي سوى الطنطنة الجوفاء؟.
هناك ثقافة عربية راسخة وبغيضة تميل دوما الى التضحية بحياة الافراد مهما كان عددهم من اجل استمرار هذا النظام او ذاك. هذه ثقافة تربى عليها اجيال واجيال من ابناء العرب وهي ثقافة القطيع التي لا يرجى من مروجيها أي نفع. ان على عبدالله صالح كان يجب ان يحاكم على القتلى الذين اودى بحياتهم في اليمن قبل ان يغور في داهية ولكن ذلك لم يحدث لسبب بسيط جدا وهو ان امريكا والدول الغربية لا تريد ان تبدى تنكرا واضحا لاصدقائها الذين خدموها حتى الرمق الاخير. وما كانت امريكا ستتخلى عن دعم مبارك لولا ادركت انه لا امل له في البقاء. وكانت على اتصال بمعمر القذافي حتى الاسابيع الاخيرة تقدم له النصح والمشورة للخروج من المأزق.
مذبحة الزعيم الخالد حاظ الاسد في حماة في الثمانينيات |
ان مجزرة الحولة اخر مجازر الاسد الصغير ضد الشعب السوري تذكرنا بمجازر والده في حماة في الثمانينيات وهي مجازر لا يمكن بأي حال من الاحوال التهوين من شأنها او التسامح فيها. لماذا اعتدنا ان ننظر الى حياة البشر على انها لا قيمة لها؟. ان من حق كل طفل قتل في هذه المجزرة ان ينظر الى نفسه على انه محور العالم كله وان يلقى معاملة انسانية كريمة تليق بطفولته لا ان تخترق رأسه رصاصة او يجز عنقه بسكين من مأجوري الاسد. أليس من حق هؤلاء ان يعيشوا طفولتهم مثل اطفال بشار الاسد؟.
اما الدول العربية التي تدعم الجيش الحر والمعارضة السورية فرغم تناقض موقفها الا اننا لا نملك الا ان نحييها على ذلك. يجب ان يتوقف قتل الناس المجاني والتضحية بهم من اجل شعارات جوفاء وسخيفة ولا معنى لها. ما الذي حققه حافظ الاسد وابنه لسوريا منذ حكما البلاد؟. هل اشاعا الامن والامان في نفوس المواطنين؟ هل حررا القدس او الجولان؟ هل اطلقا رصاصة واحدة على الجولان بعد حرب اكتوبر؟.
ان سوريا لن تسقط وانما الذي سيسقط هو نظام الاسد ليقوم محله نظام يحترم ادمية البشر وحياة الانسان وكرامته. سوريا يمكنها ان تعالج جراحها وتلملم شملها وتتناسى الامها لتقيم دولة ديمقراطية حقيقة بعد رحيل هذا الشيطان الذي تعتبره اسرائيل خير جار كما كانت تعتبر المخلوع لدينا.
وبدلا من التخويف من سقوط ركن ركين من الامة العربية علينا ان نحيي نضال الشعب السوري الذي قدر له ان يتحمل عبئا باهظا للربيع العربي ونعتذر له عن عجزنا وصمتنا وعدم قدرتنا على تقديم أي عون له. أما حالة السيولة في البلاد العربية فستنتهي يوما ما برحيل الطواغيت واستقرار الامور وبناء دول ديمقراطية تحترم كرامة الانسان وحرياته الاساسة كما تنص عليها المواثيق الدولية.
والربيع العربي بالمناسبة ليس اختراعا امريكيا ولا هو دسيسة من دسائس المخابرات المركزية الامريكية. بل ان الشعوب العربية ملت العيش في ظل احتلال داخلي بغيض ابشع من الاحتلال الاجنبي الذي ظلت ترزح تحته عقودا وآن لها ان تتنفس عبير الحرية مثل بقية البشر. ولما كانت هذه امنيات يصعب تحقيقها في ظل نظم ترهلت وتيبست وتآكلت واكل عليها الدهر وشرب، تعين عليها ان تنتزعها بتكلفة باهظة من الدم.
رابط المقالة:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق