الصفحات

الأحد، يونيو 10، 2012

توفيق عكاشة ايقونة الاعلام المصري




عكاشة يقبل يد الشريف


توفيق عكاشة الذي نسخر منه كان في عهد مبارك يشيد به ليلا ونهارا ويقبل يد حثالات نظامه وعندما ترك الرجل السلطة مرغما نعته بنعوت اقل ما توصف به انها غاية في البذاءة ولا يمكن ان تخرج من فم شخص محترم. وهو الان يدافع عن المجلس العسكري وله فصيل "اولاد عكاشة" ينزل الى العباسية باسمه وبلغت قوة عكاشة وتأثيره في الرأي العام المصري انه اصبح يدعو لمليونيات مثل مليونية قصر كوبري القبة التي دعا اليها منذ نحو شهر. وهو يدعم الان احمد شفيق مرشح الرئاسة عن نظام مبارك وقيل لي ان القناة الخاصة به التي يطلق عليها الشباب على سبيل التندر والفكاهة قناة "المواعين" تبث اغان لشفيق واغان ضد محمد مرسي اقل ما يقال فيها انها منحطة مثل القناة التي تبثها. ولكن ماذا لو حدث ونجح مرسي؟. من المؤكد ان عكاشة سيطيل لحيته ويسير في الشارع وهو يحمل صندوق تبرعات لاي جامع قريب منه ويسمي قناته "قناة النهضة".

عكاشة ربما يكون ايقونة الاعلام المصري وهو اعلام لا تجد فيه أي شيء محترم بالمرة، وكل شيء فيه قابل للبيع والشراء بمنطق السوق، وهناك خلط بين مفهوم السبق الصحفي وعدم احترام قيم المجتمع والتشيع الفج لمرشح معين...الخ. ولكن الشيء المخيف حقا ان تتداعى المباديء الاخلاقية بالنسبة حتى للافراد ولا يصبح النظر اليها ممكنا الا من فجوة المصالح القبلية والشللية والذاتية. ولكن هذا للاسف هو ما يحدث الان ونحن لا نرى عكاشة النائم بداخل كل منا لاننا ننكره ونرفض الاعتراف به ولكنه موجود هناك ينتظر دعوة بسيطة لكي يخرج ويعلن عن نفسه بسفور ودونما خجل.

لي زميل سابق منذ ايام وهو يملأ الدنيا ضجيجا وصياحا بسبب قيام مسؤول في مؤسسة اعلامية بفصل صديق له من المؤسسة التي يعمل بها. عندما قرأت البيانات المتشنجة لزميلي ودعوته الى وقفة وموقف وانتفاضة وربما حتى ثورة لم اصدق ورحت ادقق مرة بعد اخرى لكي اتأكد مما اراه. من لم يعرف زميلي الثائر ولا شك سينحني له احتراما واجلالا. ولكن لاني اعرف الرجل فقد اندهشت وتساءلت: اين كانت هذه الثورية منذ زمن؟. ولماذا تغاضيت عما يحدث على بعد امتار منك – بل في عقر مؤسستك - وتدافع عن شيء حدث على بعد كيلومترات ولم تأتك منه سوى الاصداء؟. لا شك اننا نرفض فصل أي صحفي خاصة انك اذا نظرت الى مصر من اعلى سلطة فيها الى ادناها ستجد المثل الذي يقول "لا يجلس على المزود الا شر البقر" صحيحا تماما، وربما كان الامر اكثر انطباقا في المؤسسات الاعلامية اكثر من أي مكان اخر.

زميلي العزيز انا عملت معه لفترة طويلة في مكان واحد. ومن نافلة القول ان اعترف بانه مكان من افسد الاماكن التي يمكن ان تتخيلها. واذكر انني دخلت معه في نقاش حول فساد المؤسسة التي نعمل بها انا وهو فقال لي وهو يهز رأسه في عدم رضا :الفساد هنا ليس بشعا كما تصفه بل هناك اماكن في الخارج افسد من هنا بكثير. رئيس التحرير في المكان اياه بمجرد ان تولي منصبه طلب من المسؤولين ان يصعدوا زوجته لمنصبه الذي كان يشغله قبل تولي رئاسة التحرير مقابل قيامه بدور السائق الشخصي لضيوف المؤسسة القادمين من الخارج وحمل حقائبهم والسهر على راحتهم في الفنادق وما اليه رغم وجود سائق وموظفين اخرين مكلفين بهذه المهام رسميا. طبعا كان الكل متذمرا وغاضبا وثائرا ولكنها ثورة داخلية كما هي عادة المصريين في هذه الحالات.

سيدة اخرى مثل زوجة أخينا تعمل في المكان منذ سنوات بكت لكي تحصل على عقد يضمن لها الحصول على معاش ولكنهم كانوا يحتجون بان مستواها لا يسمح بعد. وحصلت السيدة على العقد بعد ان بكت رغم ان البكاء لم يساعد في تحسين مستواها ولكن بكائها اقنع المرضى النفسيين المسيطرين على المكان بانها ضعيفة وهشة ازاء جبروتهم وسطوتهم. ومن الشروط الاساسية لكي تنال عقدا في هذا المكان ان تبدي اشد درجات الانكسار و/او التملق ازاء السادة المسيطرين وهي مجموعة عجيبة من المومياوات لا يعرف احد خارج المكان ان التاريخ نسيها في هذا السرداب ولم يفلح كل علماء المصريات في الوصول اليها حتى تاريخنا هذا.

اما زميلي السابق الثائر فقد شهد في هذا المكان حالات كثيرة من الفصل التعسفي والظلم الذي لم يكن يخطر على بال ولكني لم اسمع منه أي احتجاج صغير او حتى امتعاضة او تكشيرة يمكن ان تجعلني اطمئن اليه في ثورته الحالية. وثورة زميلي لفصل صاحبه تعود الى انه اساسا ليس متضررا من ثورته على من فصلوا صديقه لانه في المقام الاول وقبل كل شيء لا يعمل في نفس المكان ومن ثم فان الثورة هنا لن تعود عليه بأي اضرار. وانا يمكنني ان اخمن جيدا ما الذي كان سيحدث لهذا الصديق المفصول نفسه لو كان زميلي يعمل معه في نفس المؤسسة؟. من المفهوم طبعا في هذا الحالة ان ثورة زميلي كان سيتم قمعها بداخله والسيطرة عليها ولن يتبدى حتى على ملامحه أي خيال للامتعاض او السخط بل ربما بارك هذا التحرك امام رئيس التحرير باعتباره التحرك الصائب الوحيد في تاريخ المؤسسة وإيذانا بتطهيرها من الرجس، واكتفى بتشييع صديقه الى باب المؤسسة بامتعاضة شديدة ودعاه الى ان يحتسب ما وقع له عند الله.




ليست هناك تعليقات: