الصفحات

الجمعة، يونيو 29، 2012

الاخوان المسلمون تلك النبتة الشيطانية




محمد مرسي



بعض المواطنين ربما لا يعرفون لماذا تأخر لقاء محمد مرسي الرئيس المصري المنتخب بوزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون وما جرى خلف الستار على مدى الايام الماضية هو شيء يندى له الجبين ويشير الى التردي الذي سقطت فيه دولة متحضرة من الطراز الاول عندما اسلمت مقودها لرئيس من الاخوان. وتفاصيل المعركة التي احتدمت بين الخارجية الامريكية والخارجية المصرية تمهيدا لهذا اللقاء الخطير والهام هو امر لابد ان يعرفه هؤلاء الذين ساقوا مصر الى هذا المصير الاسود. والواقع ان اللقاء يكتسب اهميته بكل ما اعتراه من تأخير ومساومة ليس من اهمية العلاقة بين البلدين بل من الشكليات السخيفة الخاصة بالاخوان الذين ستكشف الايام للمصريين أي خطأ ارتكبوه عندما اتوا بهم الى الحكم.

وفي البداية اعترض مرسي على ان يلتقي بكلينتون وهي سافرة الرأس فهذا امر لا يجوز وقبلت كلينتون ان تضع على رأسها غطاء رأس خفيف اشبه بالحجاب اثناء اجتماعها بمرسي. ولكن الاخوان اثاروا اعتراضا اخر. كيف سيصافحها مرسي وهي امرأة اجنبية لا تجوز له. وسعيا لتذليل العقبات وافقت كلينتون على ان تمسك بطرف غطاء الرأس وهي تصافح مرسي. لا احد يستطيع ان يلوم الامريكيين لما ابدوه من مرونة وتفهم لايديولوجية الاخوان الضيقة. ولكن الاخوان مالبثوا ان خرجوا بشيء غريب ونادر فكيف سيخاطب مرسي الوزيرة الامريكية باسم السيدة كلينتون في الوقت الذي يعرف ان ابيها ليس اسمه كلينتون بل هو اسم زوجها. وغضب الامريكيون وقالوا ان الاخوان لا يريدون اتمام اللقاء. وهنا تدخل المرشد واقترح ان يناديها مرسي باسم الحاجة ام شيلسي. وقبل الامريكيون الحل وستشرف سعادتها في منتصف الاسبوع المقبل.
كلينتون محجبة

هذا هو الموضوع الوحيد بصراحة الذي ظللت انقب عليه لكي اشارك به في مهرجان الهجوم على الاخوان حتى يقال انني رجل عصري ومتحضر حيث لم يترك لي الصحفيون والاعلاميون الأشاوس شيئا حتى غدوت اقول ما قاله الشاعر الجاهلي عنترة العبسي في معلقته الشهيرة:

هل غادر "الجرذان" من متردم     ام هل عرفت الدار بعد توهم

لم اشهد في حياتي هجوما على الاخوان كذلك الذي شهدته بعد فوز محمد مرسي على احمد شفيق مرشح نظام مبارك البائد بصورة تعطيك انطباعا ان المصريين ادمنوا العبودية كما لو كانت قد دخلت في صميم التركيبة الجينية لديهم. وهو امر يمثل اساءة كبيرة للشعب حيث يصور الاعلام المصريين دون وعي كما لو كانوا عبيدا لابد وان يساقوا كالانعام وعندما تأتيهم الحرية فانهم لا يقبلونها بل ويسارعون الى رفضها والتنصل منها.

غير ان الغريب ان أي عاقل يمكنه ان يدرك ببساطة ان هذا الاعلام لا يعكس ارادة الشعب بل هو قائم على نوع من الايجار والاستئجار والاستعمال (مثله الشقق المفروشة تماما) والاثارة التي لا تكشف فحسب عن انعدام المهنية بل ايضا انعدام الاخلاق والضمير واحتقار الذات.

الاخوان يصورون في الاعلام المصري كما لو كانوا شياطين هبطوا علينا من كوكب اخر وليسوا بشرا من دم ولحم يروحون ويغدون بيننا. انهم اناس اغتصبوا الرئاسة ولم يأتوا اليها عن طريق صناديق الاقتراع وسيحولون البلد الى مقر للخلافة العثمانية الجديدة وهم مصدر تهديد خطير للفنون والثقافة والعلوم بل والامن ولن يتركوا مصر تقريبا الا وهي خرابة ينعق فيها البوم والغربان. ومرسي في خطابه الاول لمن يتحدث عن الفنون ولا السينما ولا المسرح ولا حقوق الاطفال ولا حقوق الحيوانات مما يعني اننا نتجه الى عصور الظلام والجهل.

ويبدو الامر كما لو كان الاعلام العفن يمن على الرئيس بالمنصب لانه لم يأت عن طريق صناديق الافتراع بل جاء بمنحة من بعض الصحفيين والمذيعين المعوقين عقليا.

والصحف تحاول خلق حالة من الايهام الحقير بعكس ما هو موجود بالفعل فصحيفة الدستور اليوم تعلن ان القلق والخوف يسودان مصر بعد وصول الاخوان للسلطة. وهو عكس الواقع تماما فالمصريون يشعرون بارتياح كبير لانتخاب مرسي لانه اول رئيس اتي الى البلاد بارادتهم ولم يفرض عليهم فرضا كما كان الحال في السابق ويشعرون انه منهم وهم منه ويرون زوجته التي تشبه امهاتهم واحدة من نساء هذا الشعب وليست الهانم المتفرنجة ذات الاصول الاجنبية التي لم يكرهوا امرأة كما كرهوها.  

مذيعة ممصوصة مثل ورقة الجوافة المغلية التي يستخدم المصريون في الريف شرابها لدرء السعال والكحة خرجت لتستنكر على مرسي قوله في مخاطبة الشعب "اهلي وعشيرتي" وانكرت ان تكون سعادتها من اهله وعشيرته. والسؤال هل كانت تجرؤ ان تقول هذه الكلمة في عهد مبارك؟. هل كان يمكن ان تتجرأ وتقول لمبارك انا لست من المواطنين الذين تتوجه اليهم بخطابك؟.

صحيفة الفجر التي يطلق عليها الشباب على الانترنت "الفجر والعهر" بضم الفاء والعين خرجت لتصف موسى بانه الفاشي في عنوانها، وافادتنا – من فيض معلوماتها - ان الرجل من صناعة امن الدولة. ونحن بالطبع نصدق ان امن الدولة اتي بمرسي لان اجهزة الدولة كلها والحزب الوطني المنحل (الذي يقال انه انفق نحو ستة مليارات جنيه لدعم شفيق) كانا يسعيان لدعمه اثناء الحملة حتى اتوا به الى السلطة.

دعونا نتحدث بصراحة فالحملة على الاخوان ليست حرية تعبير عادية او حتى سفالة صحفية وعهر اعلامي، بل هي حملة موجهة للقضاء على رئاسة مرسي والارتداد بنظام الحكم الى العهود السابقة خاصة في ظل العسكر الذين يمثلون الركيزة الثابتة والمهيمنة لنظام مبارك العفن.

المصريون بكل فئاتهم سعداء للغاية بانتخاب مرسي وهي المرة الاولى التي يشعرون فيها ان تصويتهم كان حاسما في تحديد من سيحكمهم وهو اول رئيس يشعرون انه اتى الى الحكم بارادتهم ويتطلعون اليه لتحقيق امالهم والاستجابه لتطلعاتهم. ولكن قوى الشياطين تأبى الا ان تفسد فرحة الشعب وتحيلها الى مناحة.

اموال مصر المنهوبة

المصريون سئموا حكم شخصيات عفنة لا ضمير ولا اخلاق لها ولا احساس لديها بالشعب ولا احتياجاته ولا تطلعاته. الاخوان ربما يكونوا اصحاب ايديولوجية ولكنها على أي حال لا تكرس سرقة الشعب واستعباده وامتهانه. هل يعرف كثير من المصريين ان ثروة علاء وجمال نجلي الزعيم الملهم صاحب الضربة الجوية الاولى تبلغ خمسة وعشرين مليار دولار أي ضعف الاحتياطي الذي يمتلكه الشعب المصري المكون من حوالى 90 مليون نسمة؟. من الذي اتاح لهما جمع هذه الثروة الهائلة وعلى حساب من تم جمعها؟. نفايات الصحفيين لا يتحدثون عن ذلك بل يتحدثون عن تجاهل مرسي للفن في خطابه.

بالأمس خرج لاعب كرة لم اسمع به من قبل ليقول لنا ان الاخوان سيجعلونا نلعب الكرة بالجلاليب؟. هل هناك معنى لهذا الكلام سوى الهيافة والرغبة في السير في ركاب المأفونين؟. والهجوم على الاخوان هو الموضة هذه الايام ولو تخلفت عن الركب فانت رجعي ومتخلف وظلامي ومن انصار الدولة الدينية وارباب الخلافة الاسلامية.

الشعب المصري متدين بطبعه ويهتم اهتماما خاصا بالأمور الدينية وان يكن الامر في جانب كبير منه ظاهريا. فاعظم ما تركه الفراعنة هي المعابد والمقابر(الاهرامات) استعدادا للرحلة للعالم الاخر. وعندما دخلت المسيحية الى مصر بنيت اعظم الكنائس واكبر الاديرة. وعندما جاء الاسلام اشتهرت القاهرة بمدينة الثلاثين الف مئذنة. ولنا ان نقارن هذه التراث المعماري بالتراث الذي تركته الحضارة الاسلامية في اسبانيا لنعرف ان المصريين لهم تدينهم الخاص بهم وان الاسلام لم يؤسس ابدا لدولة دينية.

انا لم اكن اتوقع اطلاقا نجاح مرسي في ظل الظروف الغريبة والمريبة التي احاطت بالانتخابات في جولة الاعادة ولم اتوقع ان يأتينا للمرة الاولى رئيس لا تشير المؤشرات الى ان كل ما يهمه توزيع المصالح والغنائم على المحاسيب والاقارب وفتح خزائن البلاد لاولاده لكي يغرفوا منها. ولكن مرسي فاز بالرئاسة في ظروف صعبة للغاية ولنا ان ندعمه فالطريق شاق وصعب وما هذه الا البداية. كل القوى الرجعية والعفنة التي ترتدي لباس التقدمية والرقي – وهي في الاساس اما عفنة او مأجورة او تسعى للبقاء في عالم متغير يهدد بانقراضها واحالتها الى حديقة الديناصورات– جعلت من مهاجمة مرسي رسالتها الاولى.

وانا لا اتوقع ان يستمر مرسي في الحكم طويلا لان قوى العفن في المجتمع اكثر بكثير واقوى من قوى الاصلاح. وهناك قوى لا يهمها اصلاح الاوضاع في مصر ولا تقدمها بل ربما كانت البيئة المثالية لانتعاشها ونموها وبقائها هي البيئة العفنة التي تركها نظام مبارك والتي يسعون الى ديمومتها ولو ضحوا في سبيل ذلك بالغالي والنفيس.   

في مجتمع تبلغ نسبة الامية فيه اكثر من 40 في المئة والامية السياسية اكثر من 95 في المئة تجد الشائعات تربة خصبة يسهل التلاعب فيها بالانجازات وتحويلها الى انتكاسات. والاستراتيجية الجديدة هي ان ينهض مرسي بالسلطة ظاهريا ويتحمل كل مسؤوليات التقصير الذي تحدثه قوى اخرى لتنتهي مسيرته السياسية بسرعة ويعود حكم  الانجاس الى قواعده سالما.

ليست هناك تعليقات: