الصفحات

الثلاثاء، مايو 29، 2012

الله يرحمها كانت ثورة بنت حلال




تضاعف تشاؤمي اليوم اكثر من الأيام القليلة الماضية عندما سمعت عن حرق مقر المرشح احمد شفيق في الدقي وكما يقول المثل معظم النار من مستصغر الشرر وقد تكون هذه هي البداية. وعلى ما يبدو فان الثورة المصرية تدخل مرحلة الاحتضار..اي مرحلة النهاية والأفول. والسيناريوهات كثيرة ومتنوعة ولكنها تقريبا كلها تسير في اتجاه واحد...وهذا الاتجاه يقود الى نهاية الثورة.

وبالطبع جعلت نتيجة الجولة الاولى من الانتخابات المصريين يشعرون بان الثورة في خطر فقد اجتازها احد اقطاب النظام السابق ويستعد للاعادة مع ممثل الحرية والعدالة الذي لحق بالسباق في اخر ايامه بعد اداء سيء لجماعته في البرلمان كان مقصودا ان يكون كذلك من قبل قوى اخرى تمكنت من استدراجهم الى هذا الموقف، وقاموا هم لشبقهم الشديد للسلطة بابتلاع الطعم.

ولاشك ان جميع القوى المضارة من القضاء على الثورة يراجعون انفسهم ولكن في بعض اللحظات تكون المراجعة قد فات اوانها ولا تفيد الا كمصدر لاستخلاص العبر والدروس تهيئة لتطبيقها في مواقف مماثلة في المستقبل قد لا تأتي ابدا. ويبدو ان الجماعات السياسية في مصر، مثلها في ذلك مثل نظام مبارك ادمنت "الشغل بالقطعة" واستخدام المسكنات في الازمات والوقوف موقف المتفرج الذي ينتظر ان يقوم غيره بعمل ليقوم هو برد الفعل عليه. نظام مبارك على مدى 30 عاما اورث الناس طرق تفكيره وانماط سلوكه وحتى نفس اسلوب عمله.


لقد تقاعست القوى السياسية كلها عن اصدار قانون العزل ولاسيما الاخوان ولم تثر ثائرتهم الا بعد ان رشح عمر سليمان نفسه فهددوا وارغوا وازبدوا وصدعوا الدنيا ضجيجا وصياحا. ولكن بمجرد انسحاب سليمان هدأت الامور وكان يجب ان يصروا على تطبيق القانون على احمد شفيق ولكنهم لم يفعلوا لانهم اعتبروا ان شفيق ضعيف ومن غير المرجح ان يتجاوز الجولة الاولى باعتبار انه من الفلول ورئيس وزراء موقعة الجمل...الخ.

لم يفكر احد انه يمكن ان تكون هناك سيناريوهات كثيرة تمضي في منحنيات زلقة لا يستطيع احد منهم ان يسيطر عليها ولكن هذا هو ما حدث بالفعل فقد نجح الحزب الوطني الذي ادار الاوضاع في البلاد لفترة طويلة ويتمتع بنفوذ كبير جدا في المناطق الريفية في حشد اتباعه لانتخاب شفيق. والمواطن المصري العادي الذي يعتقد اعتقادا جازما من تجارب طويلة ان مجيء رئيس معين أو آخر لن يؤثر بأي حال من الاحوال على حياته يمكن ان يتوجه الى اللجنة ويدلي بصوته كنوع من المجاملة لصديق او قريب اوصاه بذلك، فما بالك عندما تكون هناك مغريات اخرى كمنحه مبلغ من المال او الوعد بوظيفة لابنه او تسهيل ادخال الكهرباء لمنزله المخالف.

وحتى الان لا يعرف الدور الذي لعبته ماكينة الدولة ايضا في دفع شفيق الى هذا الموقع المتقدم. هناك احاديث كثيرة عن توجيه الموظفين وتخويفهم بانه اذا ما جاء رئيس آخر غير شفيق فقد يسرحون من وظائفهم ويجلسون في بيوتهم، اضافة الى مقولات كثيرة عن قيام افراد من الجيش والشرطة بالتصويت له.

الموقف الان يبدو مشحونا بنذر مخيفة ولا احد يعرف الى اين ستقود السيناريوهات المتخيلة المختلفة. ومن المرجح اذا حدثت اعمال عنف قبل جولة الاعادة ان يتم الغاء الانتخابات وفرض الاحكام العرفية واستمرار المجلس العسكري في حكم البلاد الى ما شاء الله. واذا ما نجح شفيق وتم فرضه بالقوة ستكون هناك اعمال عنف اكثر ربما تفوق ما حدث في الثورة. ومن المرجح عندئذ ان تشعر كل القوى السياسية بالخزي انها لم تكتف باضاعة الثورة فحسب بل وضعت البلاد على طريق بلا معالم.


ليست هناك تعليقات: