الصفحات

الأحد، مايو 27، 2012

الحقائق القديمة صالحة لاثارة البهجة



مجدي الكردي






ما اشبه الليلة بالبارحة وما اشبه عودة النظام بما كانت عليه مصر منذ سنوات او حتى اشهر ليست بعيدة. هذا موضوع قديم كتبته في بداية حملة الكردي الذي كون ائتلافا يدعو لتولي جمال مبارك السلطة كان تائها بين ملفات كثيرة. ولم قرأته شعرت كأنني كتبته بالامس او كتبته لتوي. هل تغيرت مصر فعلا عما كانت عليه في تلك الايام ام انها ظلت تائهة نحو عام ونصف لتعود ثانية لاحضان الحزب الوطني والنظام القديم. 


  
جمال مبارك

أنا لا اعرف الاخ مجدي الكردي ولم يسبق
لي ان التقيت به من قبل ولا سمعت حتى باسمه
ولكن فكرة الائتلاف الذي شكله لدعم ترشيح جمال مبارك هي في الاساس فكرتي. وانا لا اقصد بطبيعة الحال ان الرجل سرقها مني لا سمح الله ولكن المسألة لا تعدو ان تكون توارد خواطر بيني وبينه. فالفكرة موجودة في ذهني من زمن ولكني كنت أؤجلها يوم بعد الاخر وهي عادة الكسل الملازمة لي التي اضاعت مني الكثير من الفرص الثمينة والتي ربما كانت الدعوة الى ترشيح جمال مبارك هي اثمنها على الاطلاق الى ان قرأت في 28 يوليو حوارا في المصري اليوم مع الكردي فشعرت ان فرصتي ضاعت الى الابد.

غير ان منطلقاتي ربما كانت مختلفة قليلا عن منطلقات الكردي. فالرجل يقول ان الائتلاف يضم اربعة الاف من افقر فقراء مصر انفق 50 الف جنيه على الدعاية والملصقات لنجل الرئيس. لنلاحظ اولا ان الفئة التي يتكون منها اعضاء الائتلاف لا يتوافر لهم القدرة على الحكم على الامور اطلاقا لان الجهل عادة ما يصاحبه المرض والفاقة. ولنكن واقعيين اكثر اذا قلنا ان هؤلاء لكي ينضموا الى الائتلاف المذكور لاشك لدي في انهم حصلوا على مبلغ من المال ربما لا يزيد على عشرين جنيها لكي يوقعوا اوراق الائتلاف, وهي نفس طريقة شراء الاصوات في الانتخابات، فالمهمشين في المحروسة الذين ذاقوا مرارة الحرمان والفقر لا مانع لديهم ان يصوتوا للشيطان مقابل مبلغ من المال يتقاضوه على باب اللجنة، قد يصل في بعض الاحيان الى مجرد سندوتش وذلك لانعدام الوعي السياسي مقرونا بالفقر المدقع.

ولنلاحظ شيئا اخر. ان الائتلاف قد يتبلور في صورة جمعية او هيئة ويحق له عندئذ ان ينظم مسيرات مطالبة بتولي نجل الرئيس السلطة وبالطبع سيكون الامن في منتهي التسامح مع مثل تلك المظاهرات السلمية ولن يعترضها جندي امن مركزي واذا وجدوا حولها فانما هم لحمايتها وتأمينها من الغوغاء.

ولكني اقول ان منطلقاتي مختلفة عن منطلقات الرجل. فمصر في عهد مبارك وعلى مدى ثلاثة عقود تقريبا من حكم الحزب الوطني وصلت الى حالة من التردي غريبة جدا حتى ان البعض يصفها بانها سفينة تعطل محركها في عرض البحر وتنتظر رحمة السماء. ولكن الوصف الصحيح لمصر هي انها مريضة في الانعاش لا يرجي لها شفاء بالمرة واجمع كل الاطباء على ان حالتها ميئوس منها ولكنها تعيش على اجهزة التنفس والتغذية الصناعية عسى ان يأتي يوما وتفيق من غيبوبتها. ولما كانت الغيبوبة قد طالت فالبعض يرى انه من الافضل ان نرفع عنها اجهزة التنفس الصناعي ونتركها لتلقى ربها في سلام. وربما خرجت من رحم الموت مصر اخرى جديدة لا نعرفها ولا عهد لنا بها. مصر التي تعيش في زمنها غير مبتورة الصلة بالعالم من حولها. وهذا هو السبب الذي من اجله كنت انوي تكوين الائتلاف المجيد اياه حتى لا تطول الغيبوبة ولكن الكردي سبقني لاني ارى جمال هو الوحيد الذي يمكنه رفع اجهزة التنفس الصناعي عن مصر لانه الوحيد الذي يعرف كيف ادخلها والده الانعاش.  

والواقع ان الكردي لم يفعل ذلك الا بدوافع وطنية بحتة فالرجل يري رأي العين المؤامرات الخارجية وهي تحاك لمصر – وهي بالمناسبة نفس الحجة التي قدمت لتمرير التعديلات الدستورية العجيبة – ويرى ان جمال – وحده دون غيره لسبب لا يعلمه الا الله – سيتصدى لهذه المؤامرات.

غير ان الكردي لم يبسط لنا – ربما لاسباب امنية – طبيعة هذه المؤامرات ولماذا يعد جمال مبارك هو الوحيد المؤهل للتصدي لها من بين 85 مليون مصري. يبدو ان الكردي يفترض ان كونه من بيت الرئاسة فهو على اطلاع على هذه المؤامرات وكم شارك والده في التصدي لها وبالتالي فهو متمرس في افشال هذه المؤامرات وحماية الوطن من كوارثها.

ويعترف الكردي ان مصر مليئة بالفساد ولكن جمال سيتصدى للفساد. والدليل الدامغ الذي لا يرقي اليه شك هو تصريح جمال بذلك. والتركيز على تصريح جمال مبارك حول التصدي للفساد واعتباره امرا واقعا لا يمكن ان يحدث عنه تبدل او تحول يعني اننا سنبدأ عهدا جديدا لا تكون فيه كلمات المسؤولين مجرد طنطنة فارغة وكلاما للاستهلاك المحلي ويعني في نفس الوقت الطعن في تصريحات كل المسؤولين الحالين حول التصدي للفساد. ولكن من اين اتى اليقين للسيد الكردي؟ لا احد يعرف ولا هو حتى قال لنا.

بقي ان نشير الى التناقض العجيب بين ائتلاف يضم افقر فقراء مصر يدعو لتوريث السلطة في نظام يقوم على التحالف القوي بين السلطة ورأس المال ولا يبالي بالمرة بالفقراء واوضاعهم بل يعتبرهم مجرد بطاقات انتخابية ليس اكثر.  


ليست هناك تعليقات: