تخيل انك استيقظت يوم الخامس من
يونيو على صوت مذيعة في التلفزيون المصري وهي تقرأ الخبر الاول في نشرة الثامنة
صباحا بأن الرئيس احمد شفيق كلف المشير حسين طنطاوي بتشكيل الحكومة.
من المؤكد ان ثلث المصريين
سيصابون اما بسكتة قلبية او جلطة اما الثلث الاخر فقد يقرر ان يضرب رأسه في اقرب
جدار كوسيلة للخلاص وخمسة في المئة اغلبهم من الفلول والحمقى والمتخلفين وذوي
العاهات سيعبرون عن ابتهاجهم اما البقية فقد يهبطون الى الشوارع في محاولة لمنع الكارثة.
ولكن هذا سيناريو سيء او ربما به
اجزاء كثيرة مفقودة. والجزء المفقود يتعلق برد فعل الشارع عند اجتياز احمد شفيق او
عمرو موسى الجولة الاولى وتأهل أي منهما لخوض الجولة الثانية. دعنا نفترض سيناريو
اخر اكثر بشاعة وهو ان تكون الاعادة بين موسى وشفيق. يعني بالمعنى الصريح أما جهنم
او جهنم الاخرى ولا خيار آخر هناك.
علينا ان نضع انفسنا ولو قليلا
مكان اهالي شهداء ومصابي الثورة. كيف ستكون فجيعتهم في هذه اللحظات؟ هل يعقل ان
تفقد اسرتك احد هؤلاء الشبان الانقياء وتعامل الامر باستهزاء وكأن شيئا لم يكن؟. الكارثة
ان مصر فيها الكثير من الاميين والجهلاء والاغبياء والانتهازيين وبالتالي فنجاح أي
من الفلول ليس مستبعدا. ولكن على الناس ان تعتبر الانتخابات مزورة بمجرد اجتياز أي
منهما للجولة الاولى ويجب ان تتوقف او توقف فورا ولا يتم المضي فيها لان ترشحهم
اساسا ما كان يجب ان يكون لولا انعدام الحياء والخجل.
التعويل على امية الناس وجهود
الفلول والاجهزة الامنية وضعف الوعي السياسي ليس مقبولا ولن يتم قبوله بأي حال من
الاحول. الثورة لم يساهم فيها كل المصريين ولكنها اصبحت ملكا للشعب كله والذين
ساهموا فيها وضحوا من اجلها هم الاولى بقيادة هذا الشعب وليس خصومها الالداء. ما
معنى ان يرشح احد اعداء الثورة لقيادة البلاد بعد الثورة؟ هل عدمنا الشرفاء في هذا
البلد؟. ما معنى ان يستمر نظام مبارك سواء كان في السلطة او في المركز الطبي؟ ما
معنى ان يحكم مبارك موضوعا ويغيب شكلا؟ هذا جنون ويجب الا يقبل اطلاقا.
لقد صرح شفيق بانه مستعد ان
يعيد الامن الى الشارع خلال 24 ساعة مما يعني ان كل ما يحدث من انفلات امني مدبر
ومقصود وخاضع للسيطرة وقابل للتغيير في لحظة. وسوف تكون الشرطة سعيدة للغاية ان
تعود للعمل تحت مظلة النظام السابق.
واضاف شفيق لا فض فوه ان الجيش
سيحمي الشرعية في حالة احتجاج الناس على انتخاب سعادته. أي انه رئيس بالعافية
وبالقوة ورغم انف الشعب...رئيس سيفرض من قبل رفقة السلاح. هل هذا هو الرئيس الذي
كنا نتوقعه او نطمح اليه بعد الثورة؟. هل ضحى المصريون بالالاف من فلذات اكبادهم
بين شهيد ومفقود وجريح وتعطيل الانتاج واستنزاف الاحتياطي الاستراتيجي من العملة
الصعبة لكي يترأس مصر شفيق او موسى. أين كان شفيق اثناء موقعة الجمل واين المعارضة
الخطيرة التي ابداها موسى للنظام؟. لاشك ان شفيق كان يتفرج على التلفزيون ويدعو ان
ينجح الغزاة في السيطرة على ميدان التحرير وينفض مولد الثورة. أما موسى فكان يقبل
بأي فتات يلقي به النظام اليه.
ما تسير اليه مصر هو كارثة
حقيقة لو تم انتخاب شفيق او موسى وهو امر يجب ان يتصدى له الناس بشدة وبقوة وبكل
ما أوتوا ولتعتبر هذه هي الثورة الحقيقة التي تعد ثورة 25 يناير 2011 مجرد ارهاص بها
ومقدمة لها. ان ابسط الامور وايسرها واسلمها هو ان يمتنع أي شخص عن انتخابهما.
لو نجح أي منهما سيتم اعادة
ترميم نظام مبارك خلال اشهر ويعود الحزب الوطني بكل وقاحته ويتم العفو عن اللصوص
والمجرمين الذين اذلوا الشعب على مدى ثلاثة عقود. ولن يتبقى لدينا سوى البكاء على
الشهداء والجرحى الذين راحوا في ثورة اضعناها بايدينا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق