يقال ان كلمة مورستان جاءت من كلمة بيمارستان. والكلمة الاخيرة
هي كلمة فارسية تعني مستشفى. ويعتبر البيمارستان، الذي كان الاطباء المسلمون اول
من فرق بينه وبين دور العجزة والمصحات التي يعزل فيها المجانين، هو الاساس الحقيقي
للمستشفيات المعاصرة. غير ان هذه المستشفيات عندما تدهورت احوالها واهملت وهجرها
المرضى لم تعد تستخدم الا لعزل المجانين وصارت كلمة مارستان او مورستان تعني مأوى
المجانين.
ويبدو ان مصر كلها تحولت الى مورستان كبير. فهناك اشخاص ذهبوا
للاعتصام في العباسية دون ان يكون هناك اقتناع لدى الاخرين بقضيتهم ومبررات
اعتصامهم. ورأوا ان هذا الاعتصام ليس شيئا طيبا وان تفريقه واجب حتى لو تم استخدام
البلطجية والمأجورين واللجوء الى العنف والاسلحة. وبين الدفاع عن حق المعتصمين في
الاعتصام السلمي ورغبة الاخرين في ازاحتهم تسقط الجثث ويصاب الضحايا ولا تجد مديرا
لهذا المورستان الكبير الذي تضغط اسواره على اعصابنا وعقولنا دون ان نستطيع له
دفعا.
والبيمارستان المصري المعاصر الذي نعيش فيه يختلف عن
البيمارستانات السابقة ففي بيمارستانات العصور الوسطى كان الخليفة او الوالي يجري
راتبا للاطباء ويتكفل بإعاشة المرضى وتكلفة علاجهم أي انه كان يتولي الانفاق على
نزلاء البيمارستان. اما نزلاء العباسية فهناك جانب يتم الانفاق عليه من قبل المجلس
العسكري والفلول ومن والاهم وسار على نهجهم وهم كثر، والجانب المعادي لا احد يعرف على وجه التحقيق
ظروف تمويله ولا انفاقه، وانما الذي نعرفه عنهم انهم الضحايا المستضعفين الذين غرر
بهم البعض ولم يرحمهم البعض الاخر.
والمعركة بي الطرفين ستظل مستمرة ولا احد يريد ان يغادر ارضية
البيمارستان لان مغادرتها تعتبر تسليما بان عقله قد عاد اليه وانه يمكن ان يعامل
على انه شخص عاقل يفترض فيه النهوض بمسئولياته والقيام بواجباته وهو ما ترفضه
العقلية البيمارستانية تماما.
في امريكا يمكن ان يوقظوا الرئيس الامريكي ووزير الخارجية ووزير
الدفاع لان مواطنا امريكيا اختطف في بيرو، اما في مصر فقد كان نحو 1400 مواطن مصري
يصارعون الموت على متن عبارة السلام 98 في عرض البحر في فبراير 2006 ولم يجرؤ احد على ايقاظ
مبارك من نومه الملائكي. ولذلك لا اعتبر ان قتل تسعة مصريين في العباسية واصابة بضع مئات يمثل حادثة خطيرة كما يصور البعض بل هي – في ضوء ما هو معهود – تكاد تكون
نوع من الرياضة والتدريب للبلطجية، ربما استعدادا لمهام اكبر واخطر في المستقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق