الصفحات

الجمعة، فبراير 10، 2012




الجامعة الامريكية لن تسـقط مصر
والجيش يخشى الثورة المضادة



اصبحت هناك في مصر حالة من الهوس والتشكيك والتخويف والتخوين كما لو كانت البلاد اصبحت مرتعا للشائعات والاتهامات والاتهامات المضادة والفوضى وكأنه لم يعد ثمة شيئا يستحق الابقاء عليه في مصر.

ومن الثابت ان كل الثورات التي قامت لم تسع الى هدم المجتمعات التي قامت فيها بل قامت لاصلاحها وتقويمها وامامنا امثلة كثيرة في ثورات في اوروبا وحتى ايران القريبة منا. ولكن البعض في مصر يتخيل ان الثورة يجب ان تنسف كل شيء وتبدأ البناء من جديد. ومفهوم الثورة لديهم يقوم على هدم كل ما هو قديم باعتبار انه ينتمي الى العهد البائد والتشكيك في كل تحرك باعتبار انه تربص او مؤامرة.

لقد اثار انتشار وحدات من الجيش في انحاء البلاد مؤخرا سيلا من الشائعات الغريبة بان الجيش يتجه الى القيام بانقلاب. وبدلا من النظر الى تحرك الجيش على انه جاء لحماية الممتلكات العامة والخاصة وتأمين الطرق والمنشآت الحيوية، لم يجد انصار التشكيك في ذلك سوى نية مبيتة للانقلاب. هل لم يجد الجيش مثلا سوى مناسبة خلع مبارك ليعلن فيها الانقلاب...ولماذا؟.

بعض المحللين قالوا ان الجيش انتشر تحسبا لما يمكن ان يحدث في العصيان المدني الذي اعلنت احزاب وحركات سياسية عن الشروع فيه يوم السبت وهو اليوم الذي يصادف الذكرى السنوية الاولى لتخلي المخلوع عن السلطه او اجباره على التخلي عنها.

وهناك للاسف كثير من المصريين يختلط لديهم مفهوم التظاهر السلمي والعصيان والاضراب بتخريب الممتلكات العامة والخاصة والعنف ضد الاخرين، ولذا فان انتشار الجيش كان ضروريا.

غير ان ما يبعث اكثر على الخوف والحذر في هذا اليوم هو ما يمكن ان تقوم الثورة المضادة من اعمال انتقامية وتخريبية لمصادفة اليوم للذكرى التاريخية باقتلاع رأس النظام، وربما كان ذلك واردا في ذهن اعضاء المجلس العسكري الذين امروا بنشر هذه القوات. ولاشك ان انتشار القوات المسلحة في شوارع المدن سيؤدي الى الحد من الانفلات الامني والحد من تحركات الثورة المضادة في ذكرى خلع مبارك. واعتقد انه ربما كان مرتبطا بهذا العامل الاخير اكثر من ارتباطه بالعصيان المزمع.

ولا اعتقد ان الجيش يسعى الى تحقيق مكاسب على الارض عن طريق الانتشار للحفاظ على وضعه في الدستور الجديد عملا بمبدأ ان احتلال الارض يعطي ميزة تفاوضية، فلا يوجد اساسا رابط بين الاثنين، وهو لا يحتاج في الاصل الى الانتشار على هذه الصورة إلا لهدف أمني قوى، لان هذا الانتشار في الغالب تكون لك تكلفته المالية والتعبوية.

ولكن الشيء الذي يثير التساؤل ربما اكثر هو لماذا يبدو المجلس وكأن يديه مغلولة ازاء اولئك القائمين على رعاية كوارث الثورة المضادة؟. هل هناك صفقة مثلا مع النظام برعاية اطراف او دول اخرى بالا تكون هناك اجراءات مشددة ضد افراده، ام ان هناك اشياء مثلا يحتفظون بها ضد المجلس ويهددونه بها؟ ام ان المجلس يريد ان تمر الفترة الانتقالية دون اتخاذ اجراء ضد أي منهم ليلقي بعبء ذلك كاملا على البرلمان والحكومة القادمة؟.

اما الاغرب والانكي فهو اتهام الصفحة الرسمية للقوات المسلحة للجامعة الامريكية بانها تخطط لاسقاط مصر واحتلالها عام 2015، وذلك بسبب دعوة بعض اساتذة وطلبة الجامعة الى المشاركة في العصيان. ورد طلبة الجامعة بمطالبة المجلس بابراز ما لديه من أدلة وقالوا انه في حالة اخفاقه في ذلك سيتم اللجوء الى القضاء.

واعتقد ان ذك يأتي في سياق الشد والجذب بين الادارة الامريكية والمجلس العسكري على خلفية قصية التمويل الاجنبي المحال فيها 19 امريكيا الى محكمة الجنايات. ولكن من الغباء حقا اتهام طلبة الجامعة واساتذتها بمحاولة اسقاط مصر، ليس فحسب لان هؤلاء من حقهم كمصريين ان يشاركوا في الاضراب، ولكن لان فكرة ان تكون الجامعة قادرة على اسقاط مصر هي اهانة لمصر نفسها. فأي دولة تلك التي تسقطها جامعة؟. مصر ليست احدى جمهوريات الموز بل هي اكبر من ذلك بكثير.

صحيح انه من الامور الثابتة والمسلم بها ان كل الامريكيين المنتشرين في دول العالم والعاملين في كل القطاعات بها من التعليم الى البترول الى المعونة يعملون على جمع معلومات استخباراتية عن كل شيء في تلك الدول لبلادهم، ان لم يكونوا مرتبطين مباشرة باجهزة مخابراتها. ولكن اساتذة وطلبة الجامعة الامريكية ليسوا من هذه الفئة فهم مصريون يمارسون حقا من حقوقهم القانونية.

ليست هناك تعليقات: