الصفحات

الخميس، أبريل 26، 2012

جولة شفيق الاخيرة وموقعة الجمل







يروى ان الكاتب الفرنسي الكسندر ديماس الاب قدم مسرحية حول الملكة السويدية كريستينا  الى احد مسارح باريس. وكريستينا (1626-1689) هي ملكة اثارت جدلا كبيرا في اوروبا لتخليها عن العرش ورفضها الزواج وتحولها من البروتستانتية الى الكاثوليكية والانشغال بالمسرح والفنون. غير ان ديماس عندما علم ان كاتبا اخر، قضى جانبا كبيرا من حياته يحاول الوصول الى المسرح قدم مسرحية بنفس الاسم الى نفس المسرح، بادر الى سحب مسرحيته بأريحية قائلا "دعوا صديقنا العجوز يجول جولته الاخيرة على المسرح قبل ان يرحل".

وربما كان الامر ينطبق على الفريق احمد شفيق الذي سمحت له لجنة انتخابات الرئاسة بالعودة الى السباق بعد طعن تقدم به. فالرجل فرصه في الفوز تكاد تكون معدومة ومن غير المرجح اطلاقا ان يصبح رئيسا لمصر ما بعد الثورة الا اذا حدث واحد من اثنين اما معجزة او تزوير سافر.

ولكن المعضلة في موضوع احمد شفيق ليس في حادث قبول طعنه ولا حيثياته بل في احترام سيادة القانون ومساواة الجميع امامه. وحتى لو كان القانون متعسفا الا انه يجب تطبيقه طالما ارتضينا صدوره. فمثلا القانون الذي يمنع المصري المتزوج من امرأة غير مصرية من الترشح للرئاسة والذي وضع خصيصا لعرقلة ترشيح احمد زويل هو قانون متعسف. ويمكن ان يقال نفس الشيء عن القانون الذي حال دون قبول ترشيح الشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل للرئاسة، فالرجل لم تحصل امه على الجنسية عندما كان رضيعا لكي تغرس في نفسه حب العام سام، ولكنه القانون. وطالما قبلنا بالقانون فيجب ان نلتزم بحكمه. 

وجزء هام من احترام القانون يتمثل في عدم التلاعب به بتأخيره وتعطيله او تسريعه بحيث يتم تمرير احداث معينة وتفادي اخرى. ويبدو ان المجلس العسكري الذي يقيس الامور بعدة سنوات الى الامام على عكس القوى السياسية الاخرى كان يهدف بالوصول بشفيق الى هذه النهاية، ليجعل منه مخزونا استراتيجيا يمكن ان يلجأ اليه وقت الحاجة.

ولكن هل كان رد فعل القوى السياسية الاخرى على اعادة شفيق الى السباق سيصبح بنفس درجة الوهن والفتور لو كان قد تم قبول التماس عمر سليمان مثلا؟. مرة اخرى نجد ان القانون يتم تطبيقه بصورة انتقائية واستقبال تطبيقه  ايضا بصورة انتقائية. ومصر تقريبا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتمثل كل كوارثها في عدم احترام القانون، والتي يمكن حل كل مشاكلها بالتطبيق العادل للقانون دون استثناء. والدول التي لا تحترم القانون لا تتقدم اطلاقا وحتى لو سارت بضعة أمتار فانها تعود الى الخلف أميالا في أي لحظة.

وكان يتعين الا يرشح احد ممن عمل مع مبارك نفسه لانتخابات الرئاسة ولكن احد المصائب الاخرى في مصر والتي تكاد تكون مناظرا لعدم احترام القانون هي انعدام الخجل والحياء. هناك حالة من البرود وانعدام الاحساس لدى كثير من المصريين غذاها نظام مبارك على مدى 30 عاما حتى اصبح البعض يأتون افعالا مخجلة ومشينة للغاية دون ان يشعروا بأي حال من الاحوال انها اشياء مستنكرة، لان هناك من هم اكثر منهم بلادة ممكن يشجعونهم عليها ويمنحوهم الاحساس بان هذا السلوك عادي جدا ومقبول تماما.

لقد أورد لنا خالد الذكر النائم في المركز الطبي تفاصيل مشينة للغاية حول قضية اضطرت امه ان ترفعها عليه امام المحاكم للحصول من مرتبه على ثلاثة جنيهات ونصف. أما شفيق فمن المرجح ان يورد لنا في مذكراته – لو صار رئيسا – انه كان في ليلة موقعة الجمل جالسا مع طنطاوي وسامي عنان يشاهدون التلفزيون وهم يضحكون معلقين على ما يرونه.

  

ليست هناك تعليقات: