الصفحات

السبت، مارس 26، 2011







الثورة السورية والمطالب الخجولة


لسوريا في قلوب المصريين مكانة خاصة. ورغم ان البلدين حكمهما – ومازال في سوريا – نظامان من ألعن وابشع النظم التي عرفها العالم، الا انهما لم ينجحا في قتل مشاعر الشعبين تجاه بعضهما البعض. المصريون والسوريون كانوا يوما ما دولة واحدة وكانت مصر تحتفل حتى عهد قريب بعيد الوحدة مع سوريا كما اننا خضنا حرب اكتوبر سويا ضد العدو المشترك. بعد ذلك سارت القيادتان في اتجاهين متباينين ودخلا في تحالفات شتى ثم ناصبا بعضهما العداء وكان ذلك في مصلحة اسرائيل وامريكا.

والثورة السورية التي بدأت منذ ايام كصدى للثورتين التونسية والمصرية، لم تدهش احدا فالنظام السوري من اكثر النظم قمعا وشراسة في العالم والاطاحة به ستحرر جزءا كبيرا من الامة العربية. لقد وجدها السوريون فرصة سانحة للحاق بركب التحرر في المنطقة، ولكن السوريين للاسف لم يتعلموا من الثورات التي سبقتهم خلافا للمصريين.

المصريون بدأوا من حيث انتهت الثورة التونسية وكان اول شعاراتها "الشعب يريد اسقاط النظام" ونسقوا الاحتجاجات في عدة محافظات في ان واحد، مما عجل بالفعل بنهاية النظام. ولكن السوريون بدأوا بالمطالبة بالحرية وتركوا درعا وحدها تتحمل عبء الانشطة الامنية للديكتاتور اياما. واذا كانت الحرية لن تتحقق سوى بالاطاحة بالنظام، فمن الاولى ان نتجه الى الهدف مباشرة. وخطورة الاقتصار على المطالبة بالحرية تعني ضمنا ان هناك قبولا بنظام بشار الاسد وهو امتداد لنظام ابيه البشع، وان الامر لايحتاج الا الى بعض الاصلاحات التي يثبت التاريخ – ليس في سوريا وحدها – انها لن تتحقق ابدا، بل ربما كان على العكس تماما سيزيد النظام احكام قبضته ووضع تشريعات قمعية جديدة مثلما حدث في مصر بعد انتخابات عام 2005.

الحلقة تضيق الان على النظم التعسفية فهناك ثورتان يشتعل اوراهما بشدة في اليمن وليبيا واعتقد ان ذهاب صالح والقذافي هي مسألة وقت والبحرين تغلي كمرجل وثورة سوريا مازالت في البداية ولكنها تمضي بقوة. وقد علمتنا التجربة من الاحداث الاخيرة في المنطقة انه بمجرد خروج الناس الى الشوارع فانهم لايعودون الى منازلهم حتى يرحل النظام. 
ولو كان السوريون مثلا طالبوا بمحاكمة النظام على ما اقترفه في درعا من جرائم في اول يوم قتل فيه المحتجين بالذخيرة الحية، فربما كان ذلك قد اكسب الثورة مزيدا من الزخم وفت في عضد النظام. وقد اثبتت التجربة في جميع الثورات التي قامت والتي ما زالت جارية حتى يومنا هذا في العالم العربي ان قتل المزيد من المحتجين لا يزيد المحتجين الاخرين الا اصرارا على التضحية بانفسهم على عكس ما هو ثابت لدى النظم من قناعات.

 

ليست هناك تعليقات: