الصفحات

السبت، نوفمبر 24، 2012

الموت بلا سقف والجنون بلا حدود








خلال الأيام القليلة الماضية صدمتنا الاحداث الكثيرة ليس على مستوى مصر فحسب بل على مستوى المنطقة بصورة تجعل المرء يردد المثل المصري الشعبي "المتعوس متعوس ولو علقوا على رأسه فانوس"، بمعنى أن المنطقة ولاسيما مصر لم تدخل الى الربيع العربي الا لتدخل منه الى شتاء مرير وقاسي لا احد يعرف متى ينتهي.

بدأت الكوارث بالغارات الاسرائيلية المجنونة على غزة التي جاءت بعد انتخابات امريكية وثورات الربيع العربي التي اطاحت بعدد من الزعماء العرب بعضهم من اقرب المقربين لاسرائيل، وتسبق انتخابات اسرائيلية اعتاد الساسة الاسرائيليون إن يشتروا الاصوات فيها بدماء الاطفال الفلسطينيين.

وبينما تدور رحي الحرب في غزة التي جعلت موقف مصر حرجا للغاية تذهلنا كارثة اخرى بمصرع اكثر من 50 طفلا في اسيوط في مزلقان قطار. والكارثة هي نتاج ثقافة عامة من الاهمال واللامبالاة والبلادة والاستهانة بحياة البشر. والذين القوا باللوم على مرسي في الكارثة جانبهم الصواب وكذلك الذين سعوا الى تبرئته منها. مرسي مسؤول مسؤولية اخلاقية عن اختيار مرؤوسيه من وزير النقل الى عامل المزلقان ومسؤول ايضا عن محاولته البناء على نظام فاسد وبيروقراطية تستحق الابادة وعدم العمل على تطهير المواقع الحكومية من الكسالي والخاملين وفلول النظام السابق.

ولم تجف دموعنا على كارثة القطار حتى فوجئنا بحرب بين الجيش والشرطة في القاهرة والاسكندرية وهي ايضا كارثة اخرى تشير الى إن الامور غائمة في البلد ولا احد يعرف مهام عمله ولا حدوده. هل تعني الثورة انفلات الجميع من كل القيود والكوابح والعمل كما يحلو لهم؟. وهل يصعب على المصريين إن يتأقلموا مع مفهوم الحرية دون ان يكون هناك قمع شديد؟ وهل يمكن ان تجد الديمقراطية والتعددية فعلا مكانا لها في مصر؟. هذا امر اصبح موضع شك كبير الان.

وبينما تسعى مصر الى انهاء هجمات الاسرائيليين البرابرة على غزة اندلعت اشتباكات شارع محمد محمود في الذكرى السنوية لمعارك دامية في العام الماضي. ورغم عبثية هذه الاشتباكات التي تهدف الى اقتحام وزارة الداخلية، الا إن المرء لا يستطيع إن يلوم من قاموا بها وحدهم. العدالة المنشودة عن قتل الثورار واصاباتهم لم تتحقق حتى يومنا هذا. ومن المستبعد إن تتحقق على الرغم من الاعلان الدستوري الذي تبناه مرسي مؤخرا.

الاعلان الدستوري نفسه يبدو غريبا وكذلك كان استقباله مما نسميهم بالقوى السياسية. والواقع إن اسلوب العمل السياسي في مصر بعد الثورة لم يختلف كثيرا عما كان عليه في عهد مبارك فهو يتسم بالانتهازية الشديدة وعدم السعي الى المصلحة القومية بل المصالح الشخصية. الاعلان الدستوري لمرسي قطع شوطا طويلا في ترسيخ حكم الفرد وان يكن لفترة قصيرة ورد القوى السياسية هو الاخر يكشف عن سعيها الى مصالحها الذاتية وبهذه الطريقة لا اعتقد إن هناك الكثير من الامال أن تمضي مصر قدما في طريق البناء بل ليس من المستبعد، طالما كانت هذه هي طريقة التفكير، إن يكون هناك المزيد من التفسخ والتداعي.

ليست هناك تعليقات: