سحب السفير المصري واحتجاج المعاتيه
درجت الدول في العرف الدبلوماسي ان تسحب سفيرها من دولة اخرى عندما تتخيل انها ارتكبت خطأ او تجاوزت الاعراف الدبلوماسية التي تنظمها المواثيق الدولية. ويكون سحب السفير اضعافا لموقف الدولة الدبلوماسي وهو ما تسعى الدول الطبيعية الى تحاشيه.
وبالمثل يمكن ان يطرد دبلوماسيون من دولة باعتبارهم غير مرغوب فيهم. وتقول الديباحة المرافقة للاجراء في هذه الحالة انهم يقومون بأعمال تتنافي مع اوضاعهم ومهامهم الدبلوماسية، في اشارة صريحة الى قيامهم بالتجسس.
هذه الامور طبعا تحدث بين الدول وغالبا لا يكون للافراد دخل فيها. وكلنا يدرك بالطبع ان سحب السفير المصري من اسرائيل احتجاجا على الغارات الهمجية على غزة هو ما يمكن ان نصفه بانه اضعف الايمان. والاجراء يكاد يكون واحد من عدد محدود جدا من الخيارات المتاحة امام مصر للضغط على اسرائيل لوقف عملياتها المجنونة. غير ان اسرائيل لم تفعل ذلك بل زادت غاراتها حدة وكثافة.
الامور على ما يبدو اكبر بكثير من مجرد رد على صواريخ حماس وربما يكون المقصود من هذه الغارات اختبار رد فعل الدول العربية التي مرت رياح الربيع على بعضها. امريكا كان رد فعلها سريعا لانها لم تشأ ان تجد بين الدول العربية إيرانا اخرى تقض مضجعها وتقلقها. وللاسف استجاب العرب لايمانهم الغبي بان امريكا شر لا بد منه. واستطاعت امريكا التي كانت تدعم النظم المعادية للشعوب على مدى عقود ان تستوعب الانظمة الجديدة على ان تتخلى عن ثوريتها وتتأقلم مع الوضع الذي كانت عليه النظم التي سبقتها. ويبدو انه حان الان موعد تدجين هذه الانظمة وادخالها تماما في قالب الانظمة القديمة عن طريق ارهابها وتخويفها بالقاعدة الامريكية المتقدمة المعروفة باسم اسرائيل. ومالم تسعى الشعوب العربية الى التخلص من الوجود الامريكي العسكري في المنطقة خلال العقد الحالي ومن ثم التخلص من النفوذ الامريكي تماما والهيمنة الامريكية فانها لن تعيش حياة طبيعية ابدا مهما اشتعلت فيها الثورات سواء كانت ثورات الربيع او ثورات الفسيخ كما اسماها مسئوال امني احمق باحدى الدول العربية.
من المتوقع ومن الطبيعي جدا ان تتعاطف الشعوب العربية مع الفلسطينيين سواء كانوا يؤيدون اطلاق الصواريخ غير المجدية من غزة على اسرائيل من عدمه. ولكن لكي تحل القضية بصورة جذرية فهي بحاجة الى بعض التضحيات من القادة العرب عن جزء صغير جدا من نفوذهم الواسع غير الشرعي في بلدانهم، وليس الصواريخ التي يطلقها ابناء غزة.
ولكن اليوم صعقت عندما قرأت انه كانت هناك وقفة في شارع محمد محمود تحتج على سحب السفير المصري من اسرائيل. ونحن نحترم حرية الاراء ونحترم تعددها ولكن هناك اشياء تبدو غبية وخارجة عن الواقع وهذه عادة ما يقوم بها اشخاص مصابون بالضعف العقلي. والسؤوال الخطير هم من هؤلاء الذين وقفوا في شارع محمد محمود ليلوثوا تاريخه بفعلتهم هذه وما هي مراميهم؟. والسؤال الخطير هنا : هل يمكن ان تؤدي كراهية الاخوان ورفضهم الى التغاضي عما تفعله اسرائيل وتضفي عليه شرعية في اي اطار؟. ما يحدث في غزة هو نتاج تراكم جبال من الاخطاء على مدى عقود ولكن ما يحدث فيي شارع محمد محمود هو نوع من التطرف الجديد والغريب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق