الصفحات

الاثنين، نوفمبر 12، 2012

شجرة البرقوق







ياسوناري كاواباتا


كان الام والاب يتجادلان وهما جالسان قبالة بعضهما يتطلعان الى الزهرتين او الزهرات الثلاث الحمراء على شجرة البرقوق العجوزة.

على مدار بضعة عقود الآن، كانت تظهر الزهرات الاولى على نفس الفرع السفلى. قال الاب انها لم تتغير البتة منذ قدمت الام الى البيت كعروس ولكن الام قالت انها لا تتذكر. وضايقته هذه المراوغة. وقالت انها ليس لديها وقت لأشجار البرقوق وقال الاب انها قد اضاعت وقتها. وبدت المشكلة انها كانت راغبة عن مشاركته شعوره بقصر الحياة الانسانية مقارنة بحياة شجرة البرقوق العجوزة.

وتطرق الحديث الى حلوى يوم رأس السنة وقال انه فى الثانى من يناير احضر الحلوى من محل "فوجيتسودو" ولكنها قالت انها لا تتذكر شيئا عنها.
"ولكنى اتذكر جيدا اننى امرت بأيقاف السيارة فى كل من "ميجى" و "فوجيتسودو" واشتريت الحلوى من كليهما".
"اذكر حلوى ميجى ولكنك لم تشتر فى اى مرة شىء من "فوجيتسودو" منذ قدمت انا الى هذا البيت".
"انك تطلقين تصريحات جارفة"
"لم تأت الى ابدا بأى منها".
"ولكنك اكلتيها، اعرف اننى قد أتيت بها".
"انك تجعلنى اشعر بالقلق، لقد حلمت بها، انك تتحدث عن شىء حلمت به".
"اوه؟".

خارج الغرفة فى المطبخ، كانت الابنة مشغولة باعداد الغداء وسمعت الجدل. كانت تعرف الحقيقة ولكنها لم تشعر بدافع لكشفها ووقفت تبتسم بجانب الغلاية.
"أأنت متأكد انك أتيت بها الى البيت؟".
بدت الام بسبيلها الى الاعتراف ان الاب، على الاقل، ربما يكون قد قام بالشراء.
كان الاب مذبذبا "لقد اشتريتها ولكن هل يمكن ان اكون قد تركتها فى السيارة؟".
"ولكن اذا كنت قد تركتها فى السيارة لكان السائق قد اتى بها وماكان ليمضى بها فالسيارة سيارة الشركة".
"هذا صحيح"
وشعرت الابنة ببعض القلق.
شعرت بالقلق لان امها نست ولان ابيها ترك ثقته تهتز هكذا بسهولة. 
لقد خرج يتمشى فى الثانى من يناير وامر ان تتبعه السيارة واشترى صندوقا كبيرا من كعك الارز الحلو من "فوجيتسودو" وساعدت امها فى التهام هذا الكعك.
ساد الصمت ثم تذكرت الام بهدوء كبير.
"آه، تلك الحلوى. لقد اشتريتها حقا، أليس كذلك"؟
"بلى"
"لقد كان لدينا الكثير منها".
"وانا اشتريتها".
"ولكن هل اشتريت مثل تلك الأشياء الرخيصة من "فوجيتسودو"؟".
"نعم"
"أذكر ذلك ، لقد اعطيناها لشخص ما بلفتها، ياترى من كان هذا الشخص؟".
"نعم لقد أعطيتيها لأحد ما".
وتكلم كما لو كان تصلبا فى رقبته قد زايله فجأة. "ربما أعطيتيها لفيوزى".
"فيوزى، ربما. نعم لقد قلت لايجب ان ندع الاطفال ترى ذلك".
"لقد كانت فيوزى".
ومع نهاية هذا الجدل بدا ان الاحساس بالوفاق قد ارضى كليهما.
ولكن الحقائق كانت على خلاف ذلك فقد اعطوا الحلويات ليس لفيوزى خادمتهم السابقة ولكن للولد الذى يعيش فى المنزل المجاور لمنزلهم.
وانتظرت الابنة ان تتذكر الام هذا ايضا ولكن لم يأت من غرفة الافطار سوى صوت الغلاية.
واحضرت الغداء.
"هل سمعت جدالنا يايوشيكو؟".
"نعم".
"يبدو ان امك مجهدة قليلا. وكلما زاد الامر سوءا تمعن فى التظاهر بانه ليس ثمة خطأ. يجب ان تساعديها فى تذكر الأشياء".
"انى اتعجب اينا الاكثر إجهادا، لقد خسرت انا هذه المرة ولكنى اتعجب".

وخطر للابنة ان تقول شيئا عن فيوزى والولد فى المنزل المجاور ولكنها لم تفعل.
بعد عامين مات ابوها، فقد اصيب بجلطة خفيفة ولم يذهب الى المكتب الا نادرا منذ ذلك الحين.

ومازالت ازهار البرقوق الاولى تخرج من ذلك الفرع السفلى. فكرت يوشيكو مرارا فى موضوع "فوجيتسودو" ولكنها لم تحادث امها ابدا فيه، ومن المرجح الى حد كبير ان امها قد نست.


ليست هناك تعليقات: