كيف سيكون شكل الصراع القادم بين المجلس العسكري والرئيس؟. هل سيكون هذا الصراع شد وجذب من تحت المائدة ام انه سيكون علنيا وسافرا؟. العسكر من الواضح ليست لديهم رغبة في تقديم أي تنازلات بل كانت التنازلات التي رأيناها خلال الايام الاخيرة كانت من جانب الرئيس وان سعى الى تجميلها واظهارها بمظهر الحلول الوسط لكي يرضي جميع الفئات المتعارضة. وتبدى ذلك واضحا في اعلان المجلس العسكري انه سيعلن منصب الرئيس شاغرا مالم ينصاع لما يقضي به الاعلان الدستوري المكمل ويؤدي اليمين امام المحكمة الدستورية العليا. ودفع ذلك الرئيس الى ان يؤدي القسم ثلاث مرات مرة في ميدان التحرير ومرة اخرى في المحكمة الدستورية ومرة ثالثة في الاحتفال الذي اقيم في جامعة القاهرة.
العسكر يقومون بدور المماليك التقليدي في الدولة المصرية في عصور ما قبل الدولة الحديثة حيث الاحتفاظ بالامتيازات الكبيرة مقابل الدفاع عن الدولة ضد أي اعتداء خارجي. وهم حريصون حرصا كبير على الا يتم أي اقتراب من سلطاتهم وما يعتبرونه من المحرمات مثل اقتصادهم الذي يقال انه يتراوح بين 30 الى 40 في المئة من اقتصاد الدولة.
ومن شأن التوتر بين الرئيس المدني والعسكر ان يجعل ادارة الدولة غير سلسة ويمكن ان يؤثر بصفة خاصة على الاقتصاد رغم ان مصر في حاجة شديدة الى تحقيق تنمية كبيرة وتعويض نحو عام ونصف تعطل فيها الانتاج في اكثر مرافق الدولة تقريبا وتعرضت لخسارة اقتصادية كبيرة. البورصة ليست مؤشر على الانتعاش الاقتصادي على المدى الطويل لان البيع والشراء من خلالها يمكن ان يتم خلال ساعات. ولكن الاهم والاكثر وضوحا سيكون هو تدفق رأسمال كبير واستثماره في مشاريع صناعية تحمل صفة الرسوخ والثبات والاستثمار على المدى الطويل.
لو تمت ادارة الصراع بتقديم بعد التنازلات من الطرفين وظل محجوبا عن العلن سيكون ذلك مؤشر طيب على تقديم مصلحة الدولة والشعب على المصالح الفئوية والحزبية الضيقة ويمكن ان تسير مصر سيرا حثيثا الى ان يتم نقل السلطات كاملة الى الرئيس بعد ان يبني مؤسسات الدولة وتبدأ القيام بعملها على الوجه الأكمل.
هناك الكثير من الشائعات عن رغبة الحرية والعدالة في تكليف البرادعي بتشكيل الحكومة. وربما كانت هذه افضل واهم الخطوات التي يمكن ان يتخذها الاخوان لان البرادعي هو شخصية دولية عليها اجماع في الداخل والخارج وسيكسب اختياره الاخوان مصداقية كبيرة يفتقدونها في الواقع لانه ليس منهم بل هو شخصية اقرب الى التيارات الليبرالية والعلمانية كما انه من الشخصيات المقربة من كل الفئات الثورية.
لقد سعى البرادعي بين المجلس العسكري والاخوان مؤخرا لحل بعض الازمات مما يكشف ان الرجل لديه قدر من المرونة وعدم التصلب. وفي ضوء الحملة التي يشنها بعض الاعلاميين الذين تستخدمهم ربما جهات مشبوهة كانت اشبه بالقطط الاليفة في عهد الطاغية، يكتسب اختيار البرادعي للمهمة اهمية خاصة لته سيبعد عنهم تهمة الرغبة في الاستئثار بالسلطة.
مسرحية "هبوط آمن" هي مسرحية كوميدية تقوم على فرضية عودة مبارك الى السلطة في عام 2014 والصراع بينه وبين المجلس العسكري ورغبته الازلية في تعيين جمال خلفا له. ولكن انماط الصراع بين رئيس مدني والمجلس من المؤكد ستكون مختلفة لاختلاف المعطيات والمتغيرات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق