الصفحات

الثلاثاء، يوليو 10، 2012

مصر التعيسة الى أين تسير؟


ابو الهول

مصر دولة عظيمة وفريدة  في عظمتها  فهي الدولة الوحيدة التي يوجد بها ثلاثة اهرمات كبرى وابو الهول واحد، وهي الدولة الوحيدة من دول الربيع العربي التي اطاحت بالرئيس الطاغية خلال 18 يوما ليرثه اعوانه، وهي الدولة الوحيدة التي يوجد بها رئيسان احدهما مدني والاخر عسكري، وهي الدولة الوحيدة التي ينقسم فيها فقهاء الدستور حول قضايا من المفترض ان يكون هناك توافق كبير في الاراء حولها، وهي الدولة الوحيدة التي تفرغ شعبها وقادتها تماما للسياسة والعمل السياسي والجدل السياسي ونسوا أو تناسوا ان يسندوا مهمة اطعامهم والقيام على احتياجاتهم الى أي دولة اخرى، واعتبروا ان الثورة اذا قامت فان المد الثوري والضجيج الثوري يجب ان يستمر الى ان تقوم الساعة.

لقد قام مرسي بتحرك غريب بعد نحو اسبوع من توليه السلطة باعادة البرلمان الذي الغت وجوده المحكمة الدستورية العليا. ومهما كان رأينا في قرار المحكمة كونه مسيسا من عدمه، ومهما كان الرأي في هوية اعضائها ما كان للرئيس ان يظهر بمظهر التعدي على القانون وعلى قرارات اكبر محكمة في البلاد. 
 
لم يجن مرسي من القرار سوى زيادة استعداء القضاء المعادي بالفعل للاخوان كما انه فقد بعض الدعم في الشارع بعد ان ارتفعت اسهمه كثيرا في اعقاب انتخابه والايحاء الصادق بانه سيكون رئيسا من الشعب.

غير ان معضلة مرسي انه ربما يعاني في الفصل الدقيق بين كونه رئيسا لشباب الاخوان وكونه رئيسا للشعب كله وثانيا الفصل بين منصبه في رئاسة الجمهورية وكونه امتدادا لجماعة سياسية لها ايدليوجيتها الخاصة.

 وفي هذا العالم العاصف المثقل بغيوم الصراع السياسي الذي يلوح في الافق تعتبر مصالح الشعب غائبة او مغيبة او على افضل تقدير مؤجلة الى اجل غير مسمى. ويبدو ان الاخوان – دون وعي منهم – يساعدون المجلس العسكري والقوى الاخرى التي تتربص بهم، في التعجيل بالتخلص منهم.

التغيير لا يحدث بين يوم وليلة بل يحتاج الى العمل الدءوب والمثابرة وملء الفجوات وتلمس مواطن الخلل واصلاحها. والاخوان الذين ظلوا ما يقارب القرن يعانون الامرين في سعيهم الحثيث الى السلطة اولى بهم ان يصبروا قليلا ويتأسوا بحزب العدالة والتنمية في تركيا. هل كان يستطيع حزب العدالة والتنمية تحجيم الجيش والحد من تدخله في الشؤون السياسة دون ان يحظى بدعم موسع من الشعب نتيجة ما حققه من تنمية اقتصادية ورفاهية.

المصريون يشعرون بالقلق والخوف من المستقبل وهو نفس الخوف الذي عصف بهم منذ قيام الثورة حتى الان مضافا اليه عدم الشعور بالطمأنينة الى الغد، وهو الامر الذي كانوا يعتقدون انه سينتهي بانتخاب الرئيس. ولكن يبدو ان مصر بلد تعيسة جدا..تعيسة بابنائها..تعيسة بقادتها..تعيسة بكل شيء، ولكن الشيء الثابت ان ابو الهول الذي يشهد مآسيها وملاهيها عبر الاجيال ربما يخرج عن رشده يوما ما ويتكلم.   

ليست هناك تعليقات: