الصفحات

الأحد، يناير 15، 2012









انسحاب البرادعي ليس مفاجأة


كنت اتوقع بين يوم وآخر ان يعلن البرادعي انسحابه من سباق الرئاسة فالجو ملبد بالغيوم والطريق شاق للغاية والرياح غير مواتية وهناك موجة غريبة من التشكيك ترعاها اطراف كثيرة. غير ان العامل الاهم والاخطر هو الامية السياسية للشعب المصري الذي لم يتعود على اختيار الاصلح والانسب ويستجيب للشائعات الغريبة والافكار المغلوطة التي تنزل لديه منزلة الحقائق الثابتة والمسلمات.


ومن العبث ان نتطرق الى الاتهامات الموجهة للبرادعي والشبهات التي تحوم حوله ونحاول تفنيدها لانها تحمل في ثناياها بذور تقويضها وكذبها. ولكن في النهاية فان ما يحدث مع البرادعي يتماشي تماما مع مبدأ جريشام في ان العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق، وهو أمر اعتدنا عليه في مصر.


هناك اطراف كثيرة داخلية وخارجية لا تريد لمصر ان تتغير الى الافضل. والتغيير المحدود الذي واكب الثورة هو تغيير لبعض الوجوه ولكنه على الدوام تغيير يدور في نفس الاطار ونفس السياسة والاستعانة بنفس الشخصيات التي كانت تدير الامور في عهد المخلوع وهو في النهاية لا يفضي ولن يفضي الى احداث التغيير المنشود.


كنت ادرك ان البرادعي لن يخوض في المستنقع الى نهايته والانسحاب في هذه اللحظة ربما كان هو القرار الاصوب بالنسبة له ولكنه في الواقع ليس هو الافضل بالنسبة لمصر. الرجل كان يمكن ان يلعب دورا هاما ورائدا في التغيير الذي طالما تاق اليه المصريون، ولكن هذا هو نفس السبب الذي يجعله غير مرغوب فيه وموضع تجاهل من القائمين على ادارة الامور بعد الثورة.


لقد نجحت الحملة التي شنها النظام البائد في زرع مفاهيم مغلوطة لدى الكثير من الافراد ممن لا ادراك ولا فهم لديهم ومع ذلك فهم يملكون قوة اصواتهم التي سيحملونها الى صناديق الانتخابات. والحملة المضادة التي تستهدف تغيير هذه المفاهيم ونشر الوعي حول منشأ هذه الشائعات واثبات عبثيتها لم تنجح لان هناك اطراف كثيرة لا تريد لها ان تنجح ومن مصلحتها ان تظل الامور كما هي في مصر، وان يتم تداول منصب الرئاسة في نفس الدائرة الضيقة لفلول النظام المخلوع.


ولننظر الى المرشحين الحاليين للرئاسة وهل هناك بين هؤلاء من هو قادر على احداث تغيير حقيقي؟. من المؤكد ان كل الشواهد تشير الى عكس ذلك. وسينحصر السباق في النهاية بين فلول النظام البائد او العسكر المتقاعدين واولئك الموجودين في الخدمة وكلها اطراف يجمع بينها ايمانها الشديد بالنظام المخلوع وفلسفته في الحكم مما يعني انه لن يكون هناك تغيير ولا يحزنون. اما الافراد القلائل المستقلون على شاكلة البرادعي فهم على الارجح الاقل حظا.


ان بين المرشحين من تحوم حولهم شبهات مالية وسياسية واضحة وضوح الشمس بصورة لا تجعل امثالهم يجرؤن على الترشح في أي مجتمع آخر لمنصب في المجلس البلدي لقرية صغيرة، ولكن في مصر حيث كل شيء مباح يمكنهم ان يتطلعوا الى منصب الرئاسة.

المجلس العسكري يريد رئيسا من الحاشية او على الاقل ممن يمكن تدجينهم حتى لو كان ذلك في غير صالح البلاد. وهناك كثيرون على اتم استعداد ان يقدموا للمجلس اكثر مما يريد.

ليست هناك تعليقات: