الصفحات

السبت، ديسمبر 17، 2011






سيدي الرئيس..ارفع صوتك فمصر مازالت تتطلع إليك!


الرئيس مبارك يشغل حيزا لا يستهان به من تاريخ مصر يعزز منه طول الفترة التي حكمها والتي تجعله ثالث أطول الحكام عهدا في تاريخ البلاد، وكذلك عظم التغيرات التي شهدتها مصر والعالم. وسواء شئنا أم أبينا لا يمكننا إنكار حقائق التاريخ فقد حكم مبارك مصر 30 عاما وهو موجود في السلطة وقرابة العام وهو بعيد عنها، وهو ما يجعله موضع خلاف كبير بين مؤيد ومعارض وناكر لفضله وممتن لإنجازاته ولكن لا يوجد من يقف منه موقف التجاهل واللامبالاة وكأنه حدث تاريخي عارض.

غير إنني اعتب على الرئيس مبارك قليلا إذا كان هناك ما يجيز لي توجيه العتاب الى رجل أحبه واجله. وعتابي له لا يتعلق بالفترة التي حكم مصر فيها وهو في موقع السلطة. وإذا كانت ثمة أخطاء وقعت خلال تلك الفترة – رغم انني على العكس من كثيرين لا أرى ذلك أبدا – فإننا ندرك أنها كانت فوق احتمال الرئيس واكبر من طاقته وعلى غير رغبة أو إرادة منه.

ولكن عتابي للرئيس يتعلق بالفترة التي لم يشغل فيها موقع السلطة الرسمي أي تلك الممتدة منذ تنحيه أو تنحيته حتى يومنا هذا. أنا أدرك جيدا أن الرؤى تتغير بتغير المواقع وأنت لا ترى القطار ولا تشعر بسرعته عندما تكون بداخله.

والرئيس مبارك لا شك لدى غير الكثير من قناعاته التي كانت راسخة لديه في فترة حكمه الأولى، فلم يكتف بتبني أفكار معارضة لها في فترة حكمه الثانية، بل ربما أيضا أعاد النظر في أساليب تنفيذها. والفترة الأولى كانت تتسم بالحذر والتأني في دراسة القرارات ثم اتخاذها والإصرار على تنفيذها مهما كانت العواقب. أما الفترة الثانية فلها سمات تخالف الأولى تتعلق بالأساس بالأشخاص الذين يشغلون موقع المسؤولية. فالفترة الثانية ابرز سماتها هو أن المجلس العسكري هو المنوط بتنفيذ القرارات التي يتخذها الرئيس مبارك، على افتراض أن الطرفين شريكان في المسئولية، مع وقوع العبء الأكبر بالطبع على المجلس العسكري باعتباره هو الجهة التي تتعامل مع الشارع والطرف الأقوى في المعادلة.

غير أن الرئيس مبارك – وهو موضع عتابي عليه – ربما لا يولي قرارات الفترة الثانية القدر الكافي من الدراسة أو انه لا يسوقها إلى المجلس العسكري بنفس الصورة الجازمة والسلطة الحازمة التي اتسمت بها مرحلة حكمه الأولى. وأنا لا اشكك إطلاقا في حسن نواياه ورغبته أن يرى مصر وقد ازدهرت وأصبحت أفضل بلاد الدنيا. كذلك لا اشك ولا اشكك في نوايا المجلس العسكري. كلاهما يريدان الخير لمصر ولكن ربما أدى تعارض السبل وبعض الشكوك التي لا زالت عالقة بالنفوس إلى حالة التعثر التي تمر بها مصر وهو ما يلقي بعبء اكبر على المؤسسات الأخرى في الدولة التي يمكنها أن تقوم بالتنسيق بين قوتين متناقضتين: قوة تجد نفسها في موضع تنفيذ القرارات ولكنها لا تملك أي رؤية للمستقبل ولا حتى للحاضر وقوة تصدر الأوامر ولكنها لا تملك سلطة متابعة تنفيذها على الوجه الأكمل.

المجلس العسكري يجد غضاضة حقيقية في تنفيذ أوامر مبارك بالكامل فهو في النهاية رجل معتقل ينتظر محاكمة، حتى وان كانت صورية وبراءته فيها مضمونة. ومبارك يشعر بالاستياء عندما يجد استهتارا بالقرارات المصيرية للفترة الانتقالية التي يسوقها في صورة أوامر بينما يتقبلها المجلس وكأنها نصائح قابلة للتنفيذ أو الرفض. هذا الصدع الحادث بين جناحي الحكم في مصر هو السبب في الارتباك الذي أدى إلى نشوب موقعة شارع محمد محمود وموقعة شارع مجلس الوزراء مع كل تداعياتهما البشعة.

من كان يتصور انه بعد الموقعة الأولى التي راح ضحيتها نحو 45 شخصا ستنشب موقعة أخرى قبل مرور اقل من شهر يروح ضحيتها تسعة أشخاص غير الأعداد الكبيرة من الجرحى في الموقعتين.

ما تحتاجه مصر في المرحلة الحالية ليس مجلسا استشاريا يتناول أقداح القهوة مع أعضاء المجلس العسكري ويضفي شرعية ممن لا يملك لمن لا يستحق على قراراته، بل المطلوب هو التنسيق بين مبارك والمجلس العسكري حتى نتمكن من اجتياز الفترة الانتقالية بسرعة.













ليست هناك تعليقات: