الصفحات

الجمعة، نوفمبر 04، 2011





طنطاوي مرشح الفلول لرئاسة الجمهورية؟

الحمد لله نحن امة ولادة لا تخلو ابدا من انتاج العاهات الذين يحيروننا بضعفهم العقلي. ولعل اخر العاهات التي طفت على السطح في مصر شيء  اسمه محمد عطية منسق شي آخر اسمه ائتلاف مصر فوق الجميع الذي يدعو الى ترشيح المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري لرئاسة مصر.

ولو تحدثت مع هذا الشخص وقلت له ان هناك على الاقل 80 مليون مصري يفهمون اكثر منك (بما فيهم الاطفال الرضع ونزلاء مستشفيات الامراض العقلية والعصبية) ولو كان حكم العسكر مفيدا او نافعا لمصر لبادروا من قبلك بالمناداة به سيقول لك ان الامور لا تخضع للمنطق ولا للعقل هنا بل انه الإلهام الذي حل على سعادته وهو جالس على مقهى في وسط البلد يشد في الشيشة وسحب الدخان ترتفع حوله فاستلهم منها ان مصر ستزدهر في ظل حكم العسكر.

قبل ذلك ظهر بني آدم اسمه مجدي الكردي جاء من اقصى اليسار المهمش اجتماعيا واقتصاديا من حزب التجمع وقاد حملة لترشيح جمال مبارك نجل ملك مصر السابق وقال ايضا انها تمول بالجهود الذاتية واعلن على الملأ انه اضطر الى بيع شقته لكي ينفق على الحملة ثم اتضح بعد ذلك انه لم يمتلك شقة طوال حياته بل لم ينم حتى في شقة الا على سبيل الاستضافة. ولان التاريخ يكرر نفسه فسوف يخرج علينا عطية غدا او بعد غد ليقول انه باع سيارته المرسيدس لكي ينفق على الحملة لنكتشف بعد ذلك ان الرجل لم يمتلك دراجة في حياته.  

حملة الكردي كانت ردا على حملة الجمعية الوطنية للتغيير التي كانت تسعى الى جمع مليون توقيع للمطالبة بتعديل الدستور الذي جعله ال مبارك حكرا عليهم ومن هنا يمكن ان نلتمس بعض العذر حتى للكردي. اما حملة المدعو عطية في هذا التوقيت فلا تعدو ان تكون من قبيل طفح المجاري. وما اسهلها على العسكر او الفلول (مصلحة الطرفين واحدة) ان يعثروا على شخص مثله على باب احد مساجد القاهرة او جالسا على احدى مقاهيها ليقود حملة من هذا النوع المشبوه.

اخر ما تحتاج اليه مصر الان هو حكم العسكر ويجب على العسكر ان يفهموا ذلك جيدا. حكم العسكر مرفوض حتى لو اتوا من صفوف الملائكة. صحيح ان الفوضى التي اشاعها النظام البائد خدمتهم بعض الوقت مع تقاعس الشرطة لكن هذا الوضع لن يستمر. مصر لن تمضي خطوة الى الامام في ظل العسكر ويكفي انه خلال اقل من عام على قيام الثورة اثار المجلس العسكري كل مخزون الذكريات والانطباعات والمشاعر السيئة عن حكم العسكر في العالم العربي والعالم الثالث كله.

كل ما يفعله العسكر منذ تفضلوا على الثورة بحمايتها وتبنيها ورعايتها لا يشير اطلاقا الى انهم يعاملوها كثورة قام بها الشعب بل كانقلاب قاموا به هم، مع قيام الانقلابيين – ربما للمرة الاولى في التاريخ – بالحماية الكاملة للنظام الذي انقلبوا عليه. هل كان العسكر حقيقة يتململون تحت حكم مبارك وينتظرون انطلاق الشرارة الاولى؟. لقد اصبحنا نشك في الكثير من المسلمات التي امنا بها في الايام والاشهر الأولى للثورة.

خلال اقل من عام جعل المجلس العسكري المصريين يكفرون بكل الثورات. شيء طبيعي ان تجد البسطاء يتباكون على ايام مبارك..لكن هل تخيل المجلس الموقر ان المثقفين بدأوا يتحدثون عن ان ايام مبارك كانت افضل..لماذا؟. لقد كان مبارك موجود امامنا وطالما كان ماثلا امامنا كان هناك الامل في رحيله ولكن الثورة ادخلتنا في تناقض مذهل فمبارك موجود وليس موجودا في نفس الوقت؟. وهو ليس موجودا في السلطة ولكنه بنفس القدر موجود بها ويسير امورها فيتخذ القرارات ويمرر الاجراءات ويسير على نفس نهجه القديم.

المجلس العسكري حتى الان يبدو كما لو كان يحكم بالنيابة عن مبارك ولكن حتى التفويض الذي منحه اياه الرئيس المخلوع يبدو محدودا ولا يتيح له مجالا واسعا للحركة. ومن الطبيعي والبديهي جدا ان ينص التفويض اول ما ينص على تمييع الثورة وتذويبها قدر الامكان مع الحفاظ على كل النظام الذي كان العسكر على مدى سنوات ومازالوا جزءا منه.

والعسكر الان يحسبون حسبتهم من الرئاسة. ولاشك انهم سيسعون الى الدفع باحد ابناء القبيلة اليها يستوى في ذلك ان يكون هذا الشخص خلع البدلة الميري من سنوات او مازال يرتديها حتى الان. وهناك عدد من العسكريين المتقاعدين المرشحين للرئاسة ولكن طنطاوي هو المرشح الوحيد حتى الان الذي مازال موجودا في الخدمة وقد تظهر غدا حملة تدعو لاختيار سامي عنان لمنصب نائب الرئيس. وما المانع حقيقة ان يكون طنطاوي رئيسا وعنان نائبا له ليعيدوا سيرة عسكر ما بعد ثورة 52 وتظل مصر تدور في حلقة مفرغة.

ويسعى العسكر ايضا الى تضمين الدستور مواد تعطيهم سلطة تحافظ على الاستقلال الكامل للمؤسسة العسكرية بل وتعطيها حتى سلطة التدخل في كثير من جوانب الحياة المدنية بحجة حماية الشرعية الدستورية على غرار النموذج التركي في الستينيات من القرن الماضي في الوصاية على الدولة العلمانية. وسيكون علينا ان ننتظر عقودا الى ان يظهر لدينا شخص مثل اردوغان يحاول تحجيم المؤسسة العسكرية والحد من تدخلها في السياسة. ولان مصر لا تنجب اردوغانات بل لا تجود سوى بأمثال الكردي وعطية واضرابهم فقد ننتظر الى الابد.


ليست هناك تعليقات: