الصفحات

الاثنين، أغسطس 06، 2012

هل بدأ تحرير القدس؟

 



نقطة تفتيش في معبر رفح


عندما قاد صدام حسين جحافله لغزو الكويت في اغسطس 1990 بعد ان غررت به السفيرة الامريكية في بغداد انذاك إبريل جلاسبي واستدرجته بتعليمات من قادتها، قال لجنوده انهم ذاهبون لتحرير القدس. والمأفونون الذين قاموا بهجومهم المجنون اليوم في رفح لو سألت أي غبي منهم لقالوا لك ان هدفهم هو تحرير القدس. لقد اصبح تحرير القدس ذريعة لكل اخرق لكي يأتي بأكثر التصرفات غرابة وغباء. ولكن : هل هذه الوسيلة المثلى لتحرير القدس؟. هل يبدأ تحرير القدس بقتل جنود وضباط مصريين اثناء افطارهم وخطف مدرعة والاتجاه بها للحدود مع اسرائيل؟.

يبدو ان الغباء المطبق وسوء التقدير وسوء الفهم هو الذي يحرك هؤلاء. ولو كان الاستحواذ على مدرعة او مدرعتين هو الذي سيحرر القدس ويعيد فلسطين السليبة لكان الامر هينا للغاية ولكانت القضية الفلسطينية حلت من زمن.

الحديث عن الانفلات الامني في مصر بصفة عامة وفي سيناء بصفة خاصة ليس جديدا. ويبدو ان اسرائيل كانت على وعي بما يدبر في الخفاء وفقا لما نشرته جريدة البديل نقلا عن مصادر فلسطينية بان اسرائيل اخلت معبر كرم ابو سالم قبل ساعات من بدء الهجوم. ولاشك ان اسرائيل تبدي استعدادا كبير للتعاون الامني والمخابراتي مع مصر تحت المظلة الامريكية وباشراف اجهزة المخابرات الامريكية عندما يكون هذا التعاون مرتبطا بمصلحتها هي اما مصلحة مصر فلا يبدو انها تشغل الجانب الاسرائيلي ولا الامريكي. ولا يستبعد ان تكون اسرائيل مشاركة بصورة غير مباشرة في الهجوم او على اقل القليل كانت تعلم بما كان يدبر دون ان تهتم بتحذير الجانب المصري.

مصر مشغولة بالصراع السياسي على السلطة والغفلة والبلاهة هي المسيطرة على كل جوانب الحياة فالانفلات الأمني في البلد ينعكس على شكل الحياة والسلوك في الشارع بصورة جلية. الوضع في مصر في الوقت الحالي هو نسخة سيئة مما كانت عليه الاوضاع في ايام مبارك. أي ان هناك مؤسسات وشكل الدولة ولكن دون وجود دولة حقيقية. ففي عهد مبارك كانت المؤسسات زائفة اتت الى السلطة في الغالب دون ارادة شعبية لتشكل صورة غير حقيقية لدولة تسعى الى الحلول محل الدولة الحقيقية المفترضة : رئيس ديكتاتور لا احد يعرف كيف يستمر في السلطة كل هذه السنوات ومجلس شعب يأتي بانتخابات مزورة وحكومة يفترض انها تعمل لصالح المواطن فيما يعد النهب والعمل لصالح النفس والغير من الاطراف الدولية هو عملها الاساسي. اما في الوقت الوقت الحالي فالمؤسسات موجودة وقائمة وليست موجودة في نفس الوقت بمعنى انها موجودة شكلا وغائبة فعلا وموضوعا وهو وضع اسوأ من وضع ايام مبارك. ففي عهد مبارك كانت الدولة متماسكة رغم وجودها الزائف. ولكنها الان في حالة من السيولة رغم وجود مؤسسات منتخبة من الشعب.

لقد كشفت الثورة ان الكثير من المصريين اكثر حرصا على مصالحهم الضيقة من حرصهم على المصالح العليا للوطن. والواقع ان الذين يشغلهم حب هذا الوطن والعمل على تقدمه ورفعته هم قلة قليلة للغاية استشهد نصفهم منذ اندلاع الثورة. اما بقية ما نراه أمامنا من شعب مكون من نحو 90 مليون فهم كغثاء السيل لا تحركهم الا المصالح او الاحقاد والضغائن على الغير وربما حتى على النفس وبدون سبب. والحقد في بعض الاحيان يكون حقدا مجانيا لا هدف ولا غاية له سوى انه ينفث عن شعور مرضي في النفس يجب ان يجد له تعبيرا عنه في الخارج لكي يصل المريض الى حالة من التوازن تمكنه من مواصلة الحياة وبث احقاده المعتادة. هؤلاء ليسوا مؤهلين ابدا لبناء وطن بل انهم معاول الهدم التي تسلم نفسها بكل سهولة ويسر لمن يرغب في تسخيرها، احيانا بدون مقابل او بمقابل زهيد للغاية. 

يجب ان يشغلنا كثيرا هؤلاء الجنود والضباط الذين استشهدوا بهذه الطريقة الرعناء ويجب ان يكون من قتلوهم عبرة لغيرهم حتى لا تتكرر مثل هذه العمليات المجنونة. نحن نريد ان نحل مشاكلنا اولا ثم نبدأ في المساعدة في حل مشاكل الاخرين وغزة ليست جزءا من مصر ولن تكون. واذا كان لنا ان ننشغل بتحرير القدس، فيجب علينا اولا ان ننشغل بتحرير القاهرة من البلطجة وفوضى المرور لان الاخيرة هي التي تقود الى الاولى وليس العكس.


ليست هناك تعليقات: